الخميس، 15 مايو 2014

ما لم يقال عن حصار غزة !!!


 شتان بين أن تكون فوق الحصان أو أن تكون تحت الحصان  , آسف , أي , أن تكون تحت الحصار . فالفرق يبدو بسيطا . ولكن وضع حرف الراء مكان النون يقلب كل شيء , فتصبح تحت الحصار , أي في أكبر سجن عرفته البشرية .

    فأن تكون فوق الحصان لتنطلق في العدو بحرية في الهواء الطلق , دون حاجز , دون خوف من عدو متربص , أو صاروخ يقطعك أشلاء تمحي إمكانية معرفتك , تمحي صورتك الانسانية .

   أن تكون فوق الحصان , أنت عنترة إبن شداد يسابق الريح مدافعا عن حياض قبيلته .

 أن تكون فوق الحصان , أنت راعي البقر في براري أمريكا , بقبعته وبنطاله الجينز يلملم قطيع أبقاره مع غروب الشمس عائدا بسلام الى حظيرته .

    وتحت الحصان ـ آسف  تحت الحصار ـ ممنوع أن تنظر فوق , فطائرات الاستطلاع فوقك ولو لم ترها , فإنها تراك , إحذر أن تكون في حالة يشك فيها موجه الطائرة أن معك مدفع , أو تتهيء للمقاومة ولو على ظهر حمار . وليحظر الأطفال ألا يلعبوا ببندقية بلاستيك , فالصاروخ في الانتظار دائما , وكل التكنولوجيا العلمية مسخرة وموجهة إليهم  .

  تحت الحصار في غزة المنكوبة  , شتان لسفينة تأتي من عرض البحر تحمل اليسار المتضامن معنا ,ـ مع ساكني السجن الكبير ـ شفقة علينا من تحت الحصار , وسفينة تغدو وتروح في أي بحر في العالم دون رقيب أو تهديد .

    فعلا ، شتان ما فوق الحصان وما تحت الحصار , فالحصان تحت اليد وجاهز للامتطاء وقت ما تشاء , يسير بك الى حيث تشاء . أما تحت الحصار و فلا سفر الا بتصاريح لا عد لها و ومواعيد وحجوزات تصل الى الشهور , إلا من رحم ربي .

      وتحت الحصار , فالماء ليس للزراعة ولا للشرب . فأنت  لا تستطيع أن تزرع , فإن تسقي الزرع , لابد أن تموت عطشا , وإن شربت الماء مات زرعك , ومت جوعا , وعليك أن تحلم بشاحنة طحين للأونروا , ربما أصابك منها نائبا , أو بعض شيء من ملحقاتها , من معلبات  جُدد تاريخ صلاحيتها لتناسبك .

 تحت الحصار لا تستطيع أن تقترب من أرضك حتى أكثر من نصف كيلومتر , فالقناص في انتظارك . فالقرب من الحدود لا تستطيع أن تجري , أن تحفر , أن تبني , ولا أن تلحق بإحدى ماشيتك التي اقتربت من الحدود .

  تحت الحصار , عليك أن تنتظر فتح  "كرم أبو سالم " وتحلم بنصف الاسم "كرم " , في انتظار الفاكهة التي لم تجد من  يشتريها  من " تنوفا " ـ شركة  التسويق الزراعي الاسرائيلية ـ . وفي السوق , تسمع الباعة , تفاح , موز , مشمش , أفوكادو , المعبر مغلق , " أكلة والوداع " .

  وآخر ينادي , الفرسمول , فيقول آخر : الفرسمول يضر المعدة , فيعلق ثالث بقوله : يضر المعدة !!! , المعدة  تكيفت على السموم والعفونة ,والمعلبات المحفوظة كيميائيا , وإذا أصابك  مغص أو سخونة  فبنادول  صحية  الوكالة جاهز , وإذا مش معجبك  المقبرة جاهزة , أحسنلك من هالعيشة .

 في الحصار أكثروا من الصلاة , ففي الصلاة أمل بجنان لم ترها عين , ولم تسمع بها أذن , وكل شيء , كل ما هو ممنوع تحت الحصار موجود في الجنان , فأكثروا من الصلاة واحلموا في الجنان , وإن لم تحلموا بها ,  صلوا قيام الليل , وضاعفوا الصلوات , وأكثروا من الدعاء , ممكن الله يستجيب لدعائكم , ويرفعكم فوق الحصان .

  صلوا , وادعوا , واحلموا , يا أهل غزة المنكوبة في كل شيء , في الماء والكهرباء والغذاء والسفر و حتى البحر محاصر وقل خيره , فعائلات الصيادين يشموا ريحة السمك ولا يأكلوه , فالصيادون غالبا ما يعودون بخفي حنين , ولا يصطادون ما يسد الرمق لعائلاتهم .

   تحت الحصار , لا عمل , البطالة تغطي الطبقة العاملة بصورة شبه كاملة . إما تعمل لك  بسطة  في السوق , أو تسوق لك على سيارة !!!

  وفي السوق , الباعة أكثر من المشترين , لا عمل إلا البيع , والكل يبيع على بعضه و وتسمع في السوق نغمة  " أي حاجة , بأي حاجة " .

    أن تسوق على سيارة أجرة , تلاحقك الرسوم والضريبة وتجديد الرخصة والمخالفات والطرق الغير معبدة وارتفاع أسعار قطع الغيار وندرتها وأُجرة الصيانة , وارتفاع أسعار المحروقات الدورية وطلبات الزبائن حتى باب البيت . وفي الغالب لا يعود سائق سيارة الأجرة الى البيت بغلّة تكفي لإعالة أُسرته .

  تحت الحصار , الطلبة يسافرون يوميا الى الجامعات , وفوق رسوم الجامعة , يحتاجون أُجرة مواصلات والأب مُطالب بمليء البطون ودفع ضريبة الحصار , كومة من العذابات اليومية .

  في الحصار , الماء لا يصلح للاستخدام الآدمي , لا للشرب ولا للطبخ و طعمها اقترب من طعم مياه البحر .

  في الحصار , الكهرباء ليس لها مواعيد , فمواعيدها حسب نشرة شركة الكهرباء محددة حسب النشرة فقط و وفي الواقع  مثل مواعيد عرقوب . وعدنا الى لمبة الكاز والفوانيس والمجمرة للتدفئة في شتاء قارس لم نشهد له مثيل .

 في الحصار , لا تسأل عن حال أهالي البيوت التي دمرتها حملة الرصاص المصبوب الاسرائيلية . فأي تعويض لا  يمكن أن يعوضهم عن تدمير بيوتهم وتشريدهم , وفقدان  العديد من أبناءهم أو مصادر أرزاقهم .

 في الحصار , سوق أطباء الشغلة التانية بعد الدوام , الكشفية , حسب السوق , لكن لا تقل عن 40 شاقلا , وفي المستشفى لا يعيرك  الطبيب انتباها  إن لم تكن زبونه في العيادة الخاصة . وأسعار الأدوية حدث  ولا حرج .

  ودائما نواجه في الشارع وفي السوق , في الجامعة بالسؤال متى ؟ متى ينتهي الحصار , وما زاد الطين بله  وجود الانقسام , وأخبار المصالحة مثل قميص عثمان , والكل يظهر بتمسكه بشعرة معاوية .

   فشتان أن تكون فوق الحصان أو تكون تحت الحصان , آسف , تحت الحصار ......
  فدعنا نقول ما لم يقال   !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهي الدولة ؟؟هل للدولة دين ؟

لا تزال هناك صعوبات في تعريف الدولة , فالدولة مشتقة من كلمة STATUS أي حالة أو وضع , لذلك تعددت التعريفات الغير متفق على جزئياتها من قبل الجم...