ممدوح بيطار. ميرا البيطار :
قدم الصديق خالد السباعي نصا منسوبا الى الشيخ الشعراوي , تبعا للنص , الذي نؤيد مضمونه بدون تردد , نرى موقفا صحيحا وصحيا بالنسبة للدين والسياسة معا , الا أن هذا الموقف الصحيح لايمنع من التدقيق في مصداقية الشيخ الشعراوي ,
الاعلامية أمل خليل بحثت في أمر شخص الشيخ الشعراوي ووجدت به انسان متناقض كأقصى ما يكون التناقض, تناقضه ليس نتيجة لتطورات فكرية , انما نتيجة لتقلبات نفعية نزواتية، مواقفه الفكرية والحياتية طول الوقت متراوحة بين كل الأفكار والتيارات في نفس الوقت وبدون فرز او تفريق او تمييز .,
حول سيرته الشخصية كتبت امل خليل,الشعراوي المولود سنة 1911 خريج كلية اللغة العربية جامعة الأزهر دفعة 1940, وحصل على شهادة وإجازة التدريس,واشتغل مدرس في قطاع التعليم الأزهري, يعني تخصص الرجل الأساسي لغة عربية,لا فقه ولا عقيدة ولا تفسير.
** انضم الشعراوي لجماعة الإخوان من بداية تأسيسها، وكان من المقربين من حسن البنا, وبحسب مذكراته الشخصية هو الذي كتب أول بيان للإخوان,لكن في نفس الوقت كان عضو في حزب الوفد, ويتحدث في مذكراته إنه حضر سنة 1937 الاحتفال بذكرى سعد زغلول, وقال قصيدة في مدحه, وحسن البنا اختلف معه لهذا السبب , كيف يجمع الشعراوي بين الوفد والاخوان بآن واحد هذا ما يستعصي على الفهم ,
** في أول حلقة لبرنامج “من الألف إلى الياء” الذي قدمه طارق حبيب في الثمانينيات, سؤل الشعراوي عن استقباله لخب هزيمة يونيو 1967، فقال بوضوح إنه استقبلها بالسجود شكرا لله, وكان مبرره: “فرحت لأننا لم ننتصر ونحن في أحضان الشيوعية, لأننا لو نُصرنا ونحن في أحضان الشيوعية لأُصبنا بفتنة في ديننا، فربنا نزهنا”.
** في تموز 1993 كان هناك حوار بين صحيفة الأخبار مع الشعراوي,قال فيه عن حديث “السلطان ظل الله في الأرض” إن على العلماء التبين والتثبت، منتقدا الحديث ومعتبرا إنه غير صحيح,لكن هو نفسه كتب قصيدة بيمدح فيها الملك فهد بن عبد العزيز,قال فيها: “يا ابن عبد العزيز يا فهد شكرًا/ دمت للدين والعروبة فخرًا.. أنت ظل الله في الأرض/ تحيا بك البلاد أمنًا وسرًا.. أنت زدت المقدسات شموخا”.
** في 12 يونيو 1984 كتب الشعراوي مقالا في الأخبار بعنوان “الإسلام يتحدى الشيوعية والرأسمالية معا”، لكنه هو نفسه كان عضو في حزب الوفد الليبرالي «الرأسمالي»كما قلت , وصديق لرجال الأعمال,وقال في قصيدة عن الوفد وسعد زغلول سنة 1943: “ودمت يا ذكر سعد ملهبًا أمما/ يسعى إلى مجدها النحاس والوفد”….. شاعر بلاط
** في 20 مارس 1978 استُدعي الشعراوي لمجلس الشعب, كان وزير للأوقاف وقتها,وكان السبب استجواب من النائب عادل عيد اتهمه فيه برعاية الفساد في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية,قال: “لقد قصّر الوزير الشيخ الشعراوي في استخدام حقوقه الدستورية والقانونية في مواجهة شخص تابع له ولوزارته، واكتفى بإرسال شكوى لرئيس الوزراء”، وعلشان يهرب الشعراوي من الزنقة بدأ يمدح السادات، وقال: “والذي نفسي بيده لو كان لي من الأمر شيء لحكمت للرجل الذي رفعنا تلك الرفعة وانتشلنا مما كنا فيه إلى قمة ألا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون”، فرد عليه الشيخ عاشور: “اتق الله يا رجل.. مفيش حد فوق المساءلة.. لترع الله”، الشعراوي انفعل وهاج وماج وزعق وقال: “اجلس.. أنا أعلم بالله منك”، متجاهلا تماما إنه وصف السادات بوصف قرآني توقيفي يخص الله وحده، وتاني يوم المجلس أسقط عضوية الشيخ عاشور إرضاء للشعراوي.
** كان الشعراوي يذهب مذهب المتصوفين والمعتزلة في كتير من القضايا, مثلا جواز الصلاة في مسجد يشتمل على ضريح,هو نفسه الذي ان بيقيم حصة كبيرة من أفكاره على رؤى ابن تيمية وابن القيم في نفس الوقت من غير ما يحس بأي تناقض, يعني مثلا استشهد بهم في رفضه لعمل المرأة وتعليمها واختلاطها وفي تكفيره للمسيحيين وتحريم تهنئتهم بأعيادهم, وفي نفس الوقت وافق على الأضرحة ورفض رؤيتهم في مسألة صفات الله ومسألة الاستواء,وبين المستويين ظلت أفكاره على نفس التناقض والتوتر وعدم الاستقرار على منهج ورؤية.
** في حوار مع الكاتبة سناء السعيد صدر في كتاب “الشعراوي بين السياسة والدين” الصادر عن دار الفتح للإعلام العربي 1997, رفض عمل المرأة,وقال: “خروج المرأة للعمل هروب من مهمتها الأصلية,وهي تربية الأبناء، النساء يخرجن لهدم المجتمع لا لبنائه, وإذا أقبل الرجل على امرأة لكي تعاونه في حياته, فهذا سبب كافٍ لردع المرأة عن أن تقبله كرجل”.
** الشيخ الشعراوي كان ينحو منحى سلفيا متشددا فيما يخص الفقه والأحكام الشرعية,وفي الوقت ذاته كان يتبنى تصورا يقترب لتأليه النبي محمد والأولياء وأصحاب الأضرحة,فبحسب أفكاره المعلنة وكتبه وحلقاته المصورة يعتقد الشعراوي في حياة النبي الأزلية في القبر, وفي قدرته على التصرف في ملك الله وعصمته المطلقة وعلمه بالغيب.
** الشيخ الشعراوي حرم نقل الأعضاء البشرية حتى لو كانت إنقاذا للحياة, تحت دعوى أن هذه العمليات تتحدى إرادة الله في اختبار الناس بالمرض وتحاول التحايل على الآجال, لكنه هو نفسه أول ما عينه تعبت راح عمل عملية نقل قرنية في لندن عادي جدا.
** الشيخ الشعراوي حرم فوائد البنوك بدعوى أنها ربا, لكن في نفس الوقت حلّل فوائد شركات توظيف الأموال اللي تصل فائدتها الى 30 و40% وحطّ أمواله في في هذه الشركات وعمل لها إعلانات وجاب لها زباين وكان مستشار لديها بعمولة ومرتب، ليها كلها بالمناسبة، الريان والسعد والهلال وغيرهم، وساهم بالتواطؤ في ضياع مليارات الجنيهات من أموال المودعين الغلابة.
** في حوار مع جريدة اللواء الإسلامي في 1987 أفتى الشعراوي بإن حدّ أحمد صبحي منصور والقرآنيين, وخد بالك دول قرآنيين مش ملحدين ولا مرتدين,نفس حد الحرابة، أي تقطيع الأرجل والأيدي من خلاف وصولا إلى القتل,وبعدها بكام سنة أفتى بإن يحق للمواطنين تطبيق الحدود حال تعطيلها، وده كان بالتزامن مع قتل فرج فودة على أيدي متطرفين إسلاميين,وكان شريك في هذا الموقف للشيخ الإخواني وصديقه القديم محمد الغزالي الذي قال إن قتلة فرج فودة يعاقبوا تعزيرا لأنهم افتأتوا على حق ولي الأمر، لكنهم قتلوا مرتد يستحق القتل.
** الشعراوي درس مجانا كان ضد مجانية التعليم ,قال في حواره مع سناء السعيد اللي أشرت ليه من قبل واتنشر في كتاب “الشعراوي بين السياسة والدين”، إنه غريب ومش مفهوم إن مصر تعلم الأغلبية بالجامعة وهي من دول العالم الثالث، ونص كلامه: “من قال إن دولة متخلفة في العالم الثالث ما زالت في بدء المحاولات لكي تنهض تشرع بمهمة توظيف كل أفرادها, وتأخذ على عاتقها تعليم الأغلبية بالجامعة, فدعونا من نفاق الجماهير ولنشرع في علاج مثل هذه القضايا بروح جديدة”.
** في مظاهرات 18 و19 يناير 1977 اللي خرجت فيها جموع المصريين اعتراضا على غلاء الأسعار، واتعرفت بـ”انتفاضة الخبز”، لما السادات اتضايق منها وسماها “انتفاضة الحرامية” طلع الشعراوي بفتوى علنية واضحة مكفرا اللي شارك فيها واللي احتج على النظام والرئيس.
** الشعراوي كتب شعرا في مدح الملك فؤاد، ومدح الملك فاروق، ومدح حسن البنا, ومدح سعد زغلول والنحاس باشا، وخد بالك من التناقض، وكان وزير أوقاف السادات وحاول يحطه مكان ربنا “لوضعته في موضع من لا يُسأل عما يفعل”, ورغم إنه فرح بنكسة يونيو 1967 علشان الشيوعية وعبد الناصر ما ينتصروش والشعب يُفتن ويعبدهم، كتب مقال في عبد الناصر قال فيه: “مات جمال وليس بعجيب أن يموت, فالناس كلهم يموتون، ولكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا، وقليل من الأحياء يعيشون,وخير الموت ألا يغيب المفقود, وشر الحياة الموت فى مقبرة الوجود,وليس بالأربعين ينتهي الحداد على الثائر المثير,والملهِم الملهَم، والقائد الحتم، والزعيم بلا زعم,ولو على قدره يكون الحداد لتخطى الميعاد إلى نهاية الآباد,ولكن العجيب من ذلك أننا لو كنا منطقيين مع تسلسل العجائب فيه لكان موته بلا حداد عليه,أننا لم نفقد عطاءنا منه, وحسب المفجوعين فيه في العزاء، أنه وهو ميت لا يزال وقود الأحياء”.
** رغم عضوية الشعراوي في حزب الوفد لسنوات، وبعدها عضويته في حزب مصر العربي، و شائعات عضويته في الحزب الوطني لاحقا، وشغله لمنصب وزير الأوقاف من 1976 لـ1978، هو نفسه اللي قال في حواره مع مجلة “صوت الجامعة” في 1993: “أنا لا أدخل حزبا إلا فى دولة قالت أنا أوظف الإسلام، أنتم تطلبون كلمة الدين فى دولة لا توظِّف الدين، ولما يبقوا يسألونى عن الحكم أبقى أقول لهم”.
** مسلسل نفاق الشعراوي وتقربه لكل الحكام والوجهاء والمشهورين وأصحاب السلطة والنفوذ لم يتوقف على الملوك والرؤساء والسياسيين والإخوان,ولا حتى مدح الملك فهد والملك عبد العزيز آل سعود ومدح الشيخ زايد والشيخ آل مكتوم وباقي أمراء الإمارات وملوك العرب, الرجل استكمل المدح لحد مبارك، وقال في لقاء مسجل معاه بعد محاولة اغتيال مبارك في إثيوبيا: “اللهم إن كنت قدرنا فليوفقك الله,وإن كنا قدرك فليعنك الله على تحملنا” يعني في الحالتين انت حلو وإحنا ولاد كلب جِزم 
** الشيخ الشعراوي باع لمتابعيه الوهم باعتباره يمثل الوجه العصري للإسلام, الوجه الحداثي المتعلم,كن الراجل كان ضد العلم بشكل حقيقي, ليس فقط بالادعاءات والاختلاقات والمعلومات السطحية الملفقة اللي كان بيقولها في أحاديثه، ولكن ايضا بالمواقف المباشرة والعداء الصريح,ني مثلا في حلقة من برنامجه مسجلة في العام 1984,كان بيفسر آيات متعلقة بالسماوات والأرض, وقال: “علوم الفضاء وتكنولوجيا الأقمار الصناعية كلها لا تساوي شيئا، وإن الإنسان الذي اخترع ورق الكلينكس أو عود الكبريت أفاد البشرية بأكثر مما أفادها ذلك الذي اخترع صاروخًا يصل إلى القمر”.
** الشيخ الشعراوي صديق الفنانات والمشاهير والذي كان يجلس مع سيدات المجتمع، جيهان السادات وشلتها وسوزان مبارك وشلتها، كان بيحرّم الاختلاط، الراجل كان رجعي فكريا ومتحرر عمليا، وده حلقة من مسلسل تناقضاته الكتيرة جدا, يعني بيقول عن الاختلاط مثلا في حوار مع مجلة “صوت الجامعة” الصادرة عن جامعة القاهرة في فبراير 1993: “وجود الطالبات مع الطلاب حرام، ما تقوليش اختلاط وبعدين تسألني عن حدود العلاقة، لأن وجودهم مع بعض من الأول حرام”، ونفس الرجعية والفظاظة دي كملها بشكل أبشع في حلقة من خواطر إيمانية في 1984 قال فيها: “المرأة يجب أن تكون مستورة حتى لا يشك الرجل في بنوّة أبنائه منها” متهما بشكل ضمني كل السيدات غير المحجبات بإنهن محل شك ولا يصلحن للأمومة ومتهمات بالزنا هيك خبط لزق علشان مزاج الشيخ.
** الشعراوي طول الثمانينيات والتسعينيات – لحد وفاته 1998 – كان سمسار عند بعض أمراء وشيوخ الخليج لتحجيب الفنانات، ومن خلاله الدراهم المخصصة للمهمة الأخلاقية تتدفق على الفنانات, كل الفنانات المعتزلات أخدوا فلوس من الشعراوي,اللي كانت بتجمعه لقاءات طويلة مع الفنانات دول، وخصوصا تحية كاريوكا وشادية، والأخيرة راجت إشاعة شهيرة بزواجهم,لكن المهم إنه ساهم في تشويه الساحة الثقافية والفنية المصرية وترويج الخطاب الوهابي المتطرف اللي السعودية نفسها بتتراجع عنه دلوقتي، وسمسر وعمل ملايين من هذا النشاط .
** الشعراوي ابن الأسرة الفقيرة ومدرس الأزهر اللي ربنا فتح عليه شوية في الدعوة، مات وثروته بعشرات الملايين,إن لم تكن مئات، ويملك قصور في المريوطية ودقادوس وعدد من المدن الجديدة، ومزارع وعزب وأراضي وعمارات وحسابات في البنوك، جزء منها كان مقابل نشاطه الدعوي,وجزء كبير كان عمولات تحجيب فنانات وتوظيف أموال ومقابل مدح للأمراء والملوك, وخدمات لرجال الأعمال وشيوخ الخليج والسياسيين.
** الشعراوي كان بيدخن بشكل شره، وبيتعاطى الحشيش، كتير من اللي اقتربوا منه قالوا إن هذا استمر لحد ما مات، أنا شخصيا معلوماتي إنه استمر لحد قبل موته بعدة شهور لحد ما تمنع جبرا بقرار طبي، وشخصيا التقيت الدكتور بهاء الدين إبراهيم مؤلف مسلسل “إمام الدعاة”، وسامي الشعراوي، في سنة إذاعة المسلسل في 2003، وسألتهم عن الواقعة دي وأكدوها تقريبا، وكانت حجتهم في عدم ذكرها في المسلسل إنهم بيعملوا قدوة للشباب ودي معلومة تافهة ومش هتفرق مع الناس.
** الشعراوي أحاطت بيه شبهة إن ليه مواقف وتصرفات وميول مثلية، وآسف لعرض النقطة دي لكني بستعرض سياقات الراجل بشكل تفاصيلي، والموضوع ده تناوله كتير بالكتابة والنقاش وكان مثار حوار في جلسات خاصة بين وجهاء ورموز مجتمع،,وفيه حكاية لصحفي ومذيع شهير عن تعرضه للتحرش من الشيخ، وفي بعض لقاءاته هو شخصيا علّق ضاحكا على اتهامه “بمحبة الحلوين” ودافع عن نفسه بأحاديث وروايات عن “حسان الوجوه”, والموضوع تحدث عنه أحمد صبحي منصور وآخرين، وأشار ليه إبراهيم عيسى في التسعينيات من خلال موضوع في روز اليوسف، ولما بيت الشعراوي اتسرق في 1979، وبعد التحقيق والقبض على الشاب اللي سرق 30 ألف جنيه من خزنة الشيخ، تحقيقات النيابة تضمنت إن الشاب يعرف المنزل جيدا ودخله أكثر من مرة، وتضمنت التحقيقات تلميحات لعلاقة وطيدة بتجمعه بالشيخ، وكانت المفاجأة إن الشعراوي راح المحكمة وترافع عن الولد وحاول يطلعه براءة، وإبراهيم سعدة نشر مقال في الأخبار، عن رسالة وصلته من إحدى القراء، بتتضمن تلميح واضح لممارسات الشيخ الشعراوي وإشارة للشبهات دي، وضمن المتداول إن فيه محضر حُرر في قسم الخليفة في إحدى سنوات الثمانينيات برقم 1163، وتم التعتيم عليه.
** سيبك بقى من كل اللي فات، النقطة الأكثر خطرا من الملاحظات والتجاوزات والشبهات والتناقضات دي كلها، هي خطاب الشعراوي نفسه، وهو خطاب يشبه شخصيته في تناقضاتها، لكن الخطورة فيه إنه بيمزج التناقض والتلفيق بقدر من الروحانية والليونة والتبسّط، وبيوصل قطاع لا يُستهان بيه من الناس للإعجاب فالتوحد والتماهي معاه وصولا إلى التقديس`. وهذا تحقق بالفعل وبقى الشعراوي مقدس عند كتير من الناس, وهما نفسهم اللي ممكن ينتقدوا مصطفى محمود وزغلول النجار وأمثالهم، رغم إن الشعراوي كبيرهم اللي علمهم أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن، وممكن ينتقدوا عمرو خالد ومصطفى حسني ومعز مسعود، رغم إنه كبيرهم اللي علمهم المُحن والخطاب الديني العاطفي والالتفاف على الناس وتعمية الأمور، وجنب ده فهو صاحب خطاب راديكالي عنيف، وفلسفته عن التجديد تنحصر في مجرد إعادة قراءة الركام القديم بلهجة جديدة، أو بـ”تون” صوت وانفعالات وشّ عصرية، لكن الاشتباك الحقيقي مع الخطاب نفسه وركائزه، ومحاولة تجاوزه بشكل يوافق بين الأصول العقدية وتعقيدات الواقع، محاولة إنتاج خطاب عصري متمدن مستجيب لجوهر الدين وتعقيدات الحاضر، محاولة مصالحة الإسلام المدوّن في الكتب بفظاظته ودمويته وغلظة وعنف فقهائه على الإسلام الإنساني السمح الصافي، ومصالحة الدين على العلم، كل المحاولات دي مش هتلاقيها عند الشعراوي، لكن هتلاقي ارتباك واهتزاز وخلل رؤيوي ومنهجي وضرب عشوائي و”تطبيش” بين كل الاتجاهات والمذاهب والمدارس، المتوافق منها والمتناقض، وآية الخبل وقلة العقل أن يأخذ الشخص عن عدوّين، في أمر يتصل بجوهر هذه العداوة.
الخلاصة.. الشعراوي إنسان عادي, له ما له وعليه ما عليه,عنده إيجابياته وعنده سلبياته وتجاوزاته,محاولات تقديسه وتأليهه ضارة بيه, الرجل ليس “سوبر مان” ولا وحيد عصره, كل الشواهد والآثار المتبقية منه بتقول إنه محدود القدرات,لم يُضف شيئا للعلوم الدينية,حتى تفسيره المبسط مجرد استدعاءات لتراث التفاسير بشكل سطحي ساذج مع لطشة من ادعاء الارتباط بالعلم والمنجز العصري, اللي هو في الحقيقة كان عدو مباشر وشرس ليه, الرجل لا يزيد عن كونه نسخة من ابن تيمية أو ابن القيم أو محمد بن عبد الوهاب أو أبو الأعلى المودودي أو حسن البنا أو ياسر برهامي نفسه, مع مكياج الضحكة والصوت الهادئ,والحقيقة إننا لو تخلينا عن القداسة وحطينا الراجل في موقعه كحلقة من مسلسل طويل من رجال الدين والدعاة الشيزوفرينك، مش هتبقى فيه مشكلة، المشكلة بتيجي مع القداسة المفرطة والمبالغ فيها,لكن مع الاقتراب المعمق والواسع للتأكد من القداسة دي أو تفكيكها، غالبا هتكتشف إن الشعراوي افترى علينا في الحقيقة، وعلى الدين والعقل.