السبت، 15 فبراير 2020

الوحي في الأديان الكتابية


في ميثولوجيا الشّعوب، هناك الكثير من الأفكار والقصص يجري التّسليم بها بوصفها جزء من المنظومة الفكريّة المقدّسة الموروثة عن الأجداد. ولأنّها جزء من الموروث المقدّس، فإنّها تصبح من المسلّمات التي لا يجب أن يفكّر فيها الشّخص بعقلانيّة، أو مجرّد التّساؤل عن عقلانيّتها. لهذا تُطرح جانبا خارج نطاق التّساؤل، والفلسفة وتاريخ دخولها للموروث المقدّس. ومن هذه المفاهيم التي ينطبق عليها هذا الفهم، فكرة " الوحي " في الأديان الكتابيّة.
إن التّفكير في مسألة الوحي تضع الانسان في حالة تساؤل، كيف؟ ولماذا؟ وكيف يمكن التّكرار؟
ولا بدّ من النّظر إليها، ليس بالمنظور الميثولجي الذي يتطلّب منّا الحفظ فقط ، والتّسليم دون تساؤل، بل وعدم التّفكير، لماذا وكيف. بل يجب النّظر إلى هذه المسألة بالمنظور العقلي، الذي يرمي إلى إيجاد سبب معقول للحدث، وسبب معقول للنتيجة، وسبب معقول لإمكانيّة التّكرار. فمفهوم " وحي " يتطلّب وجود ثلاثة : المُرسِل "الله "، والمُرسَل إليه " نبي "، " انسان "، والواسطة " وحي، ملاك مُشخص " يتكلّم، يقول، ينقل، رسالة من المصدر الإلهي إلى التّابع " النبي، ويكون المُتلقي في حالة عقليّة جاهزة جسديّا ونفسيّا لتلقي الرّسالة.
فإذا وُجدت هذه العناصر الثلاثة وتكاملت، كانت النتيجة طبيعية، أما اذا حدث نقص، أو عدم تكامل أحد العناصر الثلاثة، فإن النتيجة لن تكتمل، ولن تصل الرسالة، أما إذا قرأنا قولا أن الرسالة وصلت، فقط، ودون كشف كيف وصلت ؟ أو أن الرسالة وصلت مرة في النوم عن طريق رؤيا أو حلم، ومرة يوصف فيها الواسطة على شكل خيال يهتز وينتقل هنا وهناك، أو شيء أبيض يقف في صحن البيت، أو صوت صادر من صخرة، أو نداء عن بُعد دون معرفة المصدر، أو على شكل طائر أو على شكل انسان له أجنحة، أو على شكل إنسان له نور يبهر العيون بحيث لا ترى حدوده الشكلية، أو تكون الواسطة هالة نورانية، مثل وميض يقترب، ثم يبتعد، ويترك المتلقي، المُستقبل، في حالة اندهاش وخوف. فمعنى هذا أننا دخلنا في الخيال والأسطورية والميثولوجيا واللامعقولية. وهنا يقف الانسان حائرا في تصديق هذا من عدمه .
لماذا يقع الانسان في حيرة في مثل هذه الأحداث ؟
لأنّك لو سألت المُتلقي، أو المُستقبل أن يصف لك ما حدث معه وما شاهده، فانّه سيقدّم لك وصفا خياليّا، وبعد مدّة لو طرحت عليه نفس السّؤال، سيكون الجواب مختلفا، ولو كان السّائل فلاحا ولا يعرف القراءة، ومن طبعه التّسليم والتوكُل، فبمجرّد سماع الحدث، سينكب على المُستقبل، المتلقي، ويقبل يديه ورأسه، ربّما ناله من البركات شيئ، وسيعتبره من أولياء الرب الصالحين، ومن المقربين إلى الرّوح القدس. ويصبح وليّ أمره وموطئ مشورته، وكاتم أسراره.
أمّا إذا كان السّائل يحمل بعض الأفكار العلميّة، ولديه فكرة عن أسباب الأحداث ونتائجها الواقعية، فسيكون له موقف آخر، أي سيفشل هذا المُستقبل في إقناعه بأن هناك تواصلا ما بينه وبين الله، الرب، الروح القدس، خصوصا إذا سمع وصفا للوحي بأشكال مختلفة. ونجد هذا الاضطراب عند الكثير من الأشخاص الذين يدّعون التواصل مع الغيب، وأنهم أولياء الله في الأرض. بالإضافة إلى هذا، فإنه تنسج الحكايات الأقرب إلى الأساطير منها إلى الواقع، وترتدي ثوب الميراث المقدس.
ولا بد من السّؤال : من أين جاءنا مفهوم " الوحي " ؟
ورد في التّوراة على لسان الربّ يقول لهارون ومريم اللذان يرغبان أن يكلمهما الربّ كما يكلّم موسى، (فقال اسمعا كلامي، إن كان منكما نبيّ للربّ فبالرّؤيا أستعلن له، في الحلم أكلمه، وأما عبدي موسى، فليس هكذا، بل هو أمين في كل بيتي، فما إلى فم، وعيانا أتكلم معه، لا بالألغاز، وشبه الرب يعاين ). (سفر العدد _ الإصحاح الثاني عشر – 6،7 ،8 ).
وورد أيضا : " اذا قام في وسطك نبي أو حالم حلما وأعطاك آية أو أعجوبة، ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها، …. فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم ، لأن الرب إلهكم يمتحنكم ….وذلك النبي أو الحالم يقتل لأنه تكلم بالزيغ من وراء الرب إلهكم " ( التثنية – الإصحاح الثاني عشر 1 ، 2 ، 3 ، 5 ) .
وورد في الانجيل على لسان المسيح : " أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله) (انجيل (يوحنا 8 :45 )
وورد أيضا : " ثم إذ أُوحي اليهم في حُلم أن لا يرجعوا الى هيرودس، انصرفوا في طريق أخرى الى كورتهم " ( انجيل متى – الإصحاح الثاني 12 ) .
ـــــــ يقول بولس الرسول في غلاطية (1: 11) : أريدكم أن تعرفوا أنّ البشارة التي بشّرتكم بها ليست من مصدر بشري. فأنا لم أخذها من انسان. ويقول بطرس في رسالته الثانية (1: 21): لأنه لم تعطَ نبوّة قطّ بمشيئة انسان، بل انقاد رجال الله بالرّوح القدس فنطقوا بكلام الله.
في القرآن الكريم في سورة النجم " وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) .
وورد أيضا في سورة القصص : وأوحينا الى أم موسى أن ارضعيه. ( آية 7 ) .
وقال رسول الله صلعم : " ان روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها … " ، وهنا كيف يكون النفث في الروع ؟ أيكون على هيئة وشوشة، أم صوت من بعيد، أم خاطرة عقلية ؟
قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: أول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى " الرؤيا " الصادقة في النوم .
هذه هي الرّوايات والأقوال والآيات التي عرفنا منها مفهوم الوحي في الأديان الكتابيّة. فما هو العامل المشترك بين هذه الأقوال والآيات ؟
اذا كان الوحي في اللغة هو الاعلام السّريع الخفي
أو الوحي بوصفه رؤيا، أو حلم.
أو الوحي بوصفه تخاطر بين شخصين.
أو الوحي بوصفه حالة إبداع ذاتي عقلي، أي الانطلاق من الذات المبدعة الى المجهول. أو الوحي بوصفه مصدرا للمعرفة الروحية الصوفية .
أو أن الوحي هو حركة عموديّة من السّماء – مسكن الآلهة، الغيب، المجهول – الى الأرض – مسكن البشر – هو حلقة الوصل بين عالم الأرض وعالم السماء، ــ الفضاء اللانهائي. أو بالعكس .
فما هو الفرق بين الوحي وبين الرؤيا ؟
وهل الرّؤيا شكل من أشكال الوحي، حيث يقول عبيد بن عمر بأن رؤيا الأنبياء وحي .
واضح أنّ الوحي في التّوراة والإنجيل لا يعني غير الرّؤيا أو الحلم، وأنّ تواصل الرب مع بني البشر، مع ساكني الأرض يجري عن طريق الأحلام. أمّا موسى – فحسب التوراة أن الربّ كان يكلمه وجها لوجه. وفما بفم، أي مباشرة وبلا حلقة وصل أو حجاب، أي أن الرب يتشخص ويظهر على هيئة ضوء، أو شخص يتكلّم أو شيء يصدر عنه صوت مسموع .
أمّا في الاعتقاد الإسلامي فالوحي اتّخذ أشكالا مختلفة، فمرّة يصفه النبي بأنه رأى جبريل على كرسي بين السماء والأرض فسد الأفق، ومرة يأتيه ملاك يضمه بقوّة ضاق لها صدره وصعب عليه تنفسه، وأخرى يأتيه وهو نائما، أو يأتيه وهو ماشيا.
وكما جاء في صحيح البخاري : عن جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – قال رسول الله – صلعم- بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا في السماء فرفعت بصري فاذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت، فقلت : زملوني.
وورد على لسان النبيّ أنّه حينما سأله ورقة بن نوفل قائلا : يا محمّد، كيف يأتيك الذي يأتيك ( يقصد الوحي ) ؟ =
= قال : يأتيني من السماء جناحاه لؤلؤ، وباطن قدميه أخضر.
وهذا يعني أن الوحي يظهر عيانا ومُشخصا وذات ألوان .
وأنّ الوحي حينما أتي النبيّ أصابه الرّعب والفزع وحتى بعد أن تعود عليه كان يتصبب عرقه ويتغير لون وجهه فيميل الى الاحمرار المختلط بالسواد، ويغط ويتسارع تنفسه ويتربد وجهه ويعبس .فهنا لا بد من التساؤل : ما معنى الوحي ؟ وهل الوحي ممكن أن يتشخص، أي يظهر بشكل مادي منظور ؟ وهل الوحي ممكن أن يتحول من شيء لا مادي الى مادي منظور، وبالعكس، أي ممكن أن يتحول الواسطة، الوحي، من شيء مادي منظور، يُرى ويُسمع صوته الى شيء لا مادي يجلس على كرسي ، ثم يزول دون أثر ؟ وضمن هذا الفهم يتم إلغاء قانون بقاء المادة، وقانون بقاء الطاقة، اذا كان كذلك، فلماذا لا يراه غير النبي ؟ وما هي أشكال الإيحاء، حيث ورد في آ ية " وأوحينا الى أمّ موسى " ( القصص – 7 ) ،
ما هو الفرق بين الإيحاء الى أم موسى، والإيحاء الى النبيّ محمّد ؟ كيف كان الوحي في سورة " العلق " ، وكيف كان في سورة " التوبة ". والسّؤال : هل الوحي مقترن بالنبوّة ؟ فالنبوّة من التنبؤ، أي إعلان المخفيّ عن النّاس، والإتيان بحلول وكرامات وتفسيرات للمشاكل الحادثة في زمن معيّن.
مع اعتبار ان " الوحي إعلام سريع خفي "، هذا يعني أن الإيحاء لا يستلزم التجسد والتشخص، بل تخاطر عقلي. واذا كان الوحي لا يتجسد، في شخص يتكلم ويصدر عنه صوتا مسموعا وبلغة مفهومة، بل بطريقة تخاطرية، على هذا تكون كل القصص والروايات التي كتبها كُتاب السيرة والتي تقول بتجسد وتشخص الوحي للنبي في غار حراء تتطلب المراجعة. والخطورة من هذا الفهم، أنه يجري اعتماد مثل هذا، وإدخاله ضمن المناهج الدراسية، وما تتركه من أثر على عقول الناشئة، ومدى فعاليتهم في البناء والتجديد والتطوير .
ومن جهة أخرى، انظر ما هو شكل الإيحاء في رواية أبي هريرة عن النبيّ اذ قال : “ بينما أنا نائم إذ أوتيت خزائن الأرض فوضع في يدي سواران من ذهب فكبرا علي وأهماني، فأُوحي إلي أن انفخهما فنفختهما، فأوّلتهما الكذابين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة “.بهذا النصّ يخرج الوحي عن التّشخيص المادي المنظور،
وهل الوحي يأتي في النوم أم في الصّحو ؟ وما هو الفرق بين الوحي في هذه الحالة وبين الرّؤيا أو الحلم ؟ وما هو الوحي في النّوم، إن لم يكن حلما ؟ وما هي الأحلام غير نشاط الدّماغ أثناء النّوم في كل الاتجاهات الواقعيّة والخياليّة، والتي لا يمكن اعتمادها كمصدر يقيني للحقيقة ؟
وهل يكون الوحي عن طريق روح القدس الذي يقوم بإيصال المعلومة، أو الرّسالة عن طريق إدخالها في وعي المُرسل إليه ؟ وهنا كيف يكون النّفث في الروع ؟ أيكون على هيئة وشوشة، أم صوت من بعيد، أم خاطرة عقليّة ؟
ماذا قالوا عن الوحي ؟
قال "عالم الدّين" العراقي أحمد القبانجي، إنّ ما يقال أنّ الوحي هو نور الهي يغمر قلب الرسول، هو مجرد تعبير قد لا يخلو من غموض، عمّا يسمّيه الفارابي وابن سينا وصدر الدين الشيرازي وابن عربي وسبينوزا بالقوّة التخييلية للأنبياء والرّسل.
أي أنّ فرضيّة أن الوحي تخيّل يعكس المبتدأ والخبر، أي بدلا من أن يكون الوحي ساقطا من السّماء – الفضاء – على الأرض بما يحمله من أخبار وأوامر، تنقلب الآية ليصبح الانسان هو المبتدأ الذي ينطلق بخياله إلى السّماء الغيب. ومنهم من أطلق على الوحي بأنّه ضرب من الخيال الصّوفي، ومثل ذلك عناه محمد إقبال في وصفه للنبوّة بـ " أنّها ضرب من الوعي الصّوفي"[1] (محمد إقبال، تجديد الفكر الدّيني في الإسلام، ترجمة عبّاس محمود، دار الهدايه للطباعة والنّشر والتوزيع، الطبعة الثالثة، 2006، ص : 148 )
كما أنّ هناك تخيلات قوية ينتج عنها آيات محكمات، وتخيلات ضعيفة ينتج عنها آيات ضعيفة ومتشابهة، كما ورد في الآية : (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخرٌ متشابهات) آل عمران، 7. والآية (ما ننسخ من آية أو نُنسِها نأت بخير منها أو مثلها) البقرة- 106. وهناك آيات أكثر وضوحا من آيات أخرى، بحسب ما تؤكّده الآية (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربّكم) الزمر- 55.
كما إنّ هناك آيات تدخل بها الشيطان، ممّا أخلف المعنى المطلوب، وهذا ما حدث عندما قرأ النبي سورة والنجم إذا هوى(فقرأها حتى بلغ أفرأيتم اللاّت والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشّيطان على لسانه تلك الغرانيق العُلى إن شفاعتهن لترتجى. فلمّا سمعت قريش فرحوا، ومضى النبيّ في قراءته فقرأ السّورة كلّها، فسجد وسجد معه المسلمون والمشركون، وتفرَّقت قريش وقد سرَّهم ما سمعوه، وقالوا :"قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذِّكْر". ولم ينتبه النبي لذلك الا بعد حين، أي بعدما جاءه الوحي بالآية : ( ما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته فنسخ الله ما يلقي الشيطان ) الحج، 52 )
أخيرا، هل يخرج الوحي عن مستوى الزّمن والمفاهيم وأسلوب الحياة الموجود في حاضر أي نبي من الذين ورد ذكرهم في التاريخ ؟ فلم يأت أي وحي بذكر طريقة الحياة، ودرجة العمران البشري، والقدرة التدميريّة للأسلحة في هذا الزمن، والحروب الاقتصادية، أو ذكر أمراض هذا الزمن، أو ذكر أنظمة حكم برلمانية حديثة. فهذا لم يحدث0
لماذا ؟ لأن لكل نبي زمانه، ولكل وحي زمانه. فمثلا حينما مرضت زوجته خديجة، أخذ النبي يطمئنها قائلا : ان بيتك في الجنة كوخ من لؤلؤ مُجتبى "، وفي رواية أُخرى : " بيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب ".
ماذا يعني هذا ؟ أنّ أقصى درجات الأماني في ذلك الزّمن، هو أن ينال المرء كوخا من لؤلؤ، أو كوخا من قصب. ولو كان النبيّ في هذا الزّمن، لما كانت أُمنيته لأحبّ النّاس إلى قلبه، كوخا من قصب، أو لؤلؤ، بل لقال : فيلا بين نهرين، أو بيتا فاخرا فوق سفينة عائمة، أو فيلا خاصّة فوق جزيرة .
من هنا كان التفكير في أي زمن يتناسب مع مستوى حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية. فالوحي، لا بد وأن يتناسب مع مستوى تفكير الناس في عصرهم .
" إن الوحي مجموعة من الصور والعلامات والأصوات الغامضة والمتناثرة والفائضة عن الغيب، والتي قد تفلح مخيلة الرسول في التقاط بعضها، بعد جهد ذاتي جهيد وإصرار عنيد، قبل أن تحاول ترجمتها إلى لغة بشرية وهذا داخل سياق ثقافي وتاريخي مستنفر أصلا نحو أفق انتظار النبوة .
وإن كانت مدارج البيان تتفاوت تبعاً لتفاوت قوّة المخيلة بين لحظة وأخرى، فقد انعكس ذلك التّفاوت في الأخير على أسلوب القرآن نفسه والذي يظل في كلّ أحواله أسلوباً بشرياً وتراثياً، بل وقدامياً أيضاً إنّ القرآن هو في آخر التّحليل، كلام يعكس ثقافة الرّسول ومخيّلته ولغته وعصره ". ( من مقال : سعيد ناشيد - الأوان، أربع فرضيات حول الوحي )
أنّ تعتيم وتمييع الفهم لمعنى مفهوم " وحي "، يضع المتلقي للوحي في مصاف أعلى من البشر، لأنّ له قدرة على التّواصل مع الغيب، ووضعه في موضع التّقديس والتنزيه عن الخطأ، ويحاط بقصص تقترب من الأسطوريّة، والتي لا يستطيع البشر محاكاتها، وما على النّاس إلا تقبلها كما هي دون تفكير أو تمحيص، واعتمادها ضمن المسلمات المتوارثة، والتي تصنف ضمن التراث المقدس. ويستتبع هذا سن قوانين ضمن الدستور للدولة، والذي يشمل وضع قوانين توضح إيقاع الجزاء على كل من يقترب من الوحي وأشكاله باعتباره جزء من الميراث المقدس.
وإذا اعتبر البعض أنّ الوحي مصدر للمعرفة، فأيّ نوع من المعرفة هذه، هل هي من المعرفة المختلطة بالأساطير، بالخيال، أم بأضغاث الأحلام، والتي لا تعتمد على دليل ملموس، ومتعارف عليه. أم أن الوحي هو مصدر للمعرفة العلمية اليقينية، والتي يمكن التأكد من صحتها بالتجربة والنّشاط العملي الإنساني ؟
أم أنّ الوحي هو شكل من أشكال الإبداع والخلق والاختراع ؟ مثل تفاحة نيوتن، أو نهر هيراقليطس. ومشاهدات داروين، التي أوحت له بنظريته في النشوء والارتقاء. إذا كان كذلك، فان الكثير من النظريات تم اكتشافها من خلال هذا الفهم، أي من خلال التفكير في المشاهدات الواقعية التي تواجه الإنسان في اُثناء النشاط الإنتاجي الواقعي العملي .
من هنا فالحالة الايمانيّة التي نشأت بتأثير دعوة النبي محمد قد تعاصرت معها حالات رافضة، غير معتقدة بالدعوة، ليس اعتراضا على سمعة أو سلوك النبي الأخلاقي أو انتمائه القبلي، فقد كان أمينا ورصينا وهادئ الطبع، وينتسب إلى قريش ذات الشهرة العالية في شبه الجزيرة العربية، بل كان اعتراضهم وشكّهم ينبع من كيفية التواصل الإيحائي بين النبي والغيب، والذي حسب ما جاء على لسان خديجة منذ البداية بأنه بدأ بالرؤيا، أو ملاك يجلس على كرسي بين السماء والأرض فيسد الأفق، أو يأتيه وهو نائما أو ماشيا، أو على هيئة ملاك جناحاه لؤلؤ وباطن قدميه أخضر. وهذا الوصف للوحي لم يعهده عرب شبه الجزيرة في تاريخهم .
ورغم هذا فقد انتشرت دعوة النبي الحنيفية بقوة، لتوافقها مع ما نادى به الحنفاء من قبل، وتوسعت إلى أن وصلت إلى الشام والعراق. وهذه الدّعوة لم تكن مقطوعة الصّلة بمن سبقها أو زامنها، فقد كانت هناك العديد من حالات الكهانة القريبة الشبه بالنبوّة في شبه جزيرة العرب وأطرافها، مثل خالد بن سنان، وسطيح وشق، ومسلمة بن حبيب من بني حنيفة، وسجاح بنت الحارث بن سويد من بني تميم.
وهذا يعكس التصور أن النبوة لست بالشيء الخارق، أو الحدث الذي لا يمكن أن يحدث مثله، بل هي دعوة إلى الاصلاح الاجتماعي والاعتقادي. فإذا كثر الأتباع حول داعيها الأول تكثر حوله القصص الأسطوريّة ويجري نعته بالصّفات الخارقة والكرامات من صغره وحتى بعد موته .
ففي تاريخ كلّ شعب من شعوب الأرض ظهر رجال ونساء ملكوا هذا الوصف، واقتربوا من أن يكونوا بشرا فوق العادة، وأن لهم صلات مع الغيب منحتهم قوّة وتميّزا سواء كان جسديا أو عقليا، أكسبهم أتباعا لا حصر لهم. كما أنّ الكثير من المعتقدات المنتشرة حاليا في العالم، ولها أتباع بالملايين ظهرت نادى بها أشخاص لهم سمعة أخلاقية ويتميزون بالبصيرة العقلية المؤثرة والتي بقيت آثار آراءهم ومبادئهم الى زماننا هذا، أمثال كونفوشيوس وبوذا .
فالإيمان الدّيني المنتشر في العالم اليوم لا يستند على العقلانية السببية العلمية، بل على الموروث. فالتسلسل الوراثي البشري، يتبعه تسلسل نقلي للعقائد والأساطير مما أكسب الموروث الفكري صفة الاعتقاد السائد، والسيادية الاعتقادية للموروث أكسبته صفة القداسة التي تلغي النقد، وتعطل ملكة التفكير العقلاني. ففكرة التّسليم بصحّة الموروث تلغي ملكة التّفكير أو التمرّد عليها .
فالشّخص المولود في المجتمع المسلم أو المسيحي أو اليهودي، أو البوذي، منذ منشأه تسيطر عليه مجموعة من المسلمات الاعتقادية حول وجود الكون ووجود الإنسان ومصيره في الحياة وما بعد الموت . وليس من السّهل الخروج أو الشك في هذا الموروث .
إنّ تنوع الموروث الاعتقادي المقدّس قد أورث تمايزا بينها في الأخلاق والموقف من الآخر، وخلق الكثير من الصّراعات والصّدامات والحروب. حيث نجد أن الشّعوب تسخر من الموروث المقدّس ومعتقدات الشّعوب الأخرى لاختلاطها بالأساطير، في حين أن معتقداتها وموروثها المقدس لديها لا يصمد أمام أيّ تفكير عقلاني.
إنّ الموروث المقدّس لدى أيّ شعب مهما كان تصورهم عنه، بانغراسه في ثقافة المجتمع يصبح له قوة الوحي الذي كان في زمن حياة الأشخاص الذين ارتدوا ثوب الكهانة أو النبوة، وظل هذا التسليم وهذا التماهي معهم إلى زماننا هذا حيث يطغى بقوّة على عقليّة ووعي أفراد المجتمع ويجعلهم ضمن عباءته الضّاغطة .
إنّ الموروث المقدس عند المسلمين، هو الأرضيّة التي يقف عليها المسلم في موقفه ليس من الآخرين، بل من العلم أيضا، ففي الحياة العملية، هو برجماتي، كل شيء بفوائد، وتراه في المتع يغترف منها اغترافا، فهو يتزوج النساء سرّا وعلنا، ولو كان شيخا هرما، ويتعامل مع الحضارة بالدّرجة القصوى، فهو يحاول أن يملك الكثير من الماديات، ولكن في ثقافته وشعاراته، هو ديني، والحديث مع الناس ديني. إنّه متناقض دائما مع نفسه. فهو يقول إنّ الحياة معبر إلى الآخرة، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وأن لديه قناعة بالقدر والمسلمات المقدّسة، وفي نفس الوقت تجده الأكثر تكالبا على النيل من متع الحياة .
إنّ الله لم يمت كما أعلن نيتشه، إنّ الله هو منظومة اعتقادية تتوارثه الأجيال، أو هو ميراث للشعوب الأقرب إلى العصور الوسطى منها إلى روح العصر، هو ميراث مقدّس لشعوب تبحث عن السّعادة خارج هذه الأرض، السّعادة الأخروية، وذلك لفشلهم في تنظيم حياة سعيدة. إنّ هذا الفشل يجعلهم يغرقون في الاعتقاد بالحلول الميتافيزيقية لعذاباتهم .

الاثنين، 10 فبراير 2020

= ما هي الماركسية اللينينية ؟

الماركسية اللينينية هي منهج ثوري لتغيير المجتمع ، وازالة مظاهر التقسيم الطبقي الاستغلالي بين مُكوناته ... والماركسية اللينينية تعتبر أن وجود الملكية الخاصة هي الأساس الذي يُسبب الاستغلال ، وهي التي تسمح للبرجوازية بالاستيلاء على فائض القيمة من عمل الجموع الغفيرة من العمال مما ينتج الغنى الفاحش للطبقة المالكة ، والفقر والعوز في جانب العمال . ------

 والماركسية اللينينية تنطلق في منهجيتها للتغيير من فلسفة " المادية الجدلية " ، وهذه الفلسفة تنطلق من اعتبار أن الكون قائم بذاته ومشحون بمكونات متناقضة تجعله في حركة وتطور دائمين ، ونتيجة للحركة يحدث التراكم ، فالتغير ، فالتجدد ، فالتطور ....

 الماركسية تنظر الى أن التطور يسير بشكل حلزوني ، والتطور يحتمل الاستمرار في حلقاته التطورية أكثر فأكثر ، ولكنه لا ينفي حدوث تباطئ ، أو ارتدادات مرحلية خاصة في ظروف التطور الاجتماعي . والمادية الجدلية تدرس القوانين الأكثر شمولاً التي بموجبها تتطور الطبيعة والمجتمع والفكر البشري ...و ترتكز في فهمها للعالم وحركته التطورية على قوانين الجدل وهي :
 1- قانون وحدة وصراع الاضداد
 2- قانون التراكمات الكمية تؤدي الى تغيرات كيفية - نوعية .
 3- قانون نفي النفي ---
كما أن للمادية الجدلية فهماً خاصاً منهجياً للعديد من المقولات الفلسفية مثل : الوعي ، المادة ، الحركة، الزمان ، المكان . كما تدرس المقولات المترابطة مثل : السبب والنتيجة ، والضرورة والصدفة ، الشكل والمحتوى ، الجوهر والظاهرة ، والضرورة والحرية ، الامكان والاحتمال والواقع ... ---
 وللمادية الجدلية خطوات منهجية لمعرفة العالم ، وهذا يتضح من خلال خطوات المعرفة التي نفهمها من " نظرية المعرفة " . وبتطبيق المادية الجدلية على المجتمع البشري ينتج لدينا فهما تطورياً للتاريخ نجده تحت مُسمى " المادية التاريخية " .

 ان فهم الماركسية للتاريخ ارتكز على فهم الحركة الاقتصادية الانتاجية داخل المجتمع ، وهذا يوضحه لنا "" الاقتصاد السياسي " . وكتاب " رأس المال " ل " كارل ماركس " .
 = ان تطور المجتمع الانتاجي يتطلب تنظيم المجتمع بطريقة انسانية يتم فيها استبعاد العوامل والظروف التي تساعد على تكريس استغلال الانسان العامل ، وهذا التنظيم للمجتمع توضحه لنا نظرية " الاشتراكية العلمية " ، فتسميتها بالعلمية تنبع من منهجيتها في تنظيم المجتمع بطريقة منهجية قائمة على تحويل ملكية وسائل الانتاج من ملكية خاصة ، الى ملكية جماعية ، وتحويل الانتاج لصالح وخير الجموع الغفيرة من العمال والفلاحين ..
 = ان الماركسية اللينينية هي المرتكز الفلسفي للالهام الثوري للحركات الاجتماعية التي تهدف للتغيير الاجتماعي التي تعتمد على الجماهير الشعبية التي لها المصلحة الأولى في التغيير .
= ما هو الفرق بين الليبرالية والماركسية ؟
مفهوم الليبرالية أتى من ليبرتي وتعني : الحرية ، وله وجهان : وجه سياسي ، حرية الانتخاب وحرية الاعتقاد، والحرية في السلوك ..
والوجه الآخر : الحرية الاقتصادية ، وهي الرأسمالية ، أي حرية حركة الرساميل ، والمنافسة ، وجعل كل شيء بضاعة بما فيها الانسان ..
--- ونتائجها في التطبيق إهدار لكرامة الانسان ، فهي تؤدي الى البطالة ، والأزمات الاقتصادية ، وانتهاك القوانين وتكديس الثروة في يد الطبقة البرجوازية .
والرأسمالية في أعلى مراحلها وصلت الى الامبريالية والعولمة ، وهي تسمح للرساميل بعبور الحدود وغزو شعوب العالم والسيطرة على مقدراتها داخل بلدانها ، وربط أنظمة الحكم فيها بعجلة الإمبريالية العالمية - الأمريكية بوصفها الاخطبوط الامبريالي العالمي .
= وشعار الليبرالية يهدف الى أبدية النظام الرأسمالي ، وأبدية الملكية الخاصة ، وأبدية سيطرة الطبقة البرجوازية، وأبدية الاستغلال الطبقي ، وتوقف التاريخ عن التطور ، وأنه لا نظام بعد الرأسمالية ...
-----------
أما الماركسية ، فهي نظرة ثورية الى العالم وهي قسمان :


1- نظرة فلسفية الى العالم ، تقول بالتطور في الطبيعة والمجتمع والفكر الانساني ... وتجسدها : فلسفة المادية الجدلية ك " فكر " ، وكتاريخ : المادية التاريخية .
ان فلسفة المادية الجدلية تقول بامكانية معرفة العالم، وتطرح نظرية متكاملة للمعرفة .
2 - الاشتراكية العلمية ، وتقول بامكانية بناء وتنظيم المجتمع بطريقة جديدة اقتصاديا، مبنيا على قاعدة الملكية الجماعية، وممكن ادارة وتوجيه الاقتصاد لصالح الجماهير الشعبية الغفيرة من العمال والفلاحين ..
= ان الاشتراكية العلمية تستنهض الجماهير العمالية للانتظام في حزب الطبقة العاملة - الحزب الاشتراكي ، وترسم الطريق بناء المجتمع الاشتراكي الخالي من الاستغلال الطبقي ، وصولا الى مجتمع الرفاه العام ، المجتمع الشيوعي ، الذي يرتكز على مبدأ : " لكل حسب حاجته " .
ان الماركسية اللينينية تضع المبرر التاريخي والاجتماعي للتغيير ، وتشكل الالهام الثوري لكل الحركات الاجتماعية الهادفة الى تغيير المجتمع بطريقة ثورية لصالح الفقراء .

= وحول موقف الماركسية من الدين نرى أن الماركسية لا تتجه إلى البشر تبعاً لموقفهم الاعتقادي من الإله أو الدين، بل تبعاً لموقعهم الطبقي، وطبقا لحجم الظلم الواقع عليهم ، فالماركسية تدافع عن كل المضطهدين في المجتمع، سواء كانوا مؤمنين أو لا دينيين، أو من هذه الطائفة أو تلك، أو من هذه القومية أو تلك الأخرى.

- فالمعارك الطبقية لا تدور بين من هم مؤمنين ، وبين من هم غير مؤمنين ، بل بين الأغنياء والفقراء. بين من يعيشون متطفلين على عمل الغير ، وبين من يكدحون لانتاج الخيرات المادية للمجتمع .
فالماركسية إذاً هي فلسفة الطبقة العاملة وفكرها الثوري ، وليس فكر "الطبقة" الملحدة. فهي إذاً سلاحاً بيد الفقير حتى لو كان غارقاً حتى أذنيه بالدين ومؤمناً بقصصه ووعوده الدينية، انها سلاح يحشد الفقراء للمعركه الاقتصادية والطبقية، انها دعوة للفقراء لكي يعرفوا أسباب بؤسهم وفقرهم. انها دعوة توعوية لكي يعرف من يدافع عن مصالحه وحقة في الحياة الحرة الكريمة ، ومن يخدعه .

الأحد، 9 فبراير 2020

هل ممكن أن تكون ماركسي ومسلم ، كيف ؟

أن لكل انسان في هذه الحياة احتياجاته الاقتصادية ، كما أن له احتياجاته المعنوية والنفسية ، وهو يعمل على تحسينها باستمرار ، ويستنفر في حال اختزالها أو الانتقاص منها ، ويعمل دائما أن يتعاون مع التجمعات النقابية والحزبية التي يقتنع ويشعر أنها تدافع عن مصالحه وحقوقه في العمل . ان الحقوق الاقتصادية والمعنوية للشغيلة هي من القوة بحيث تدفع العمال للالتفاف حول الأحزاب والتجمعات التي تدافع عن مصالحها ... ولما كانت الأحزاب الماركسية هي الأقرب في برامجها وأهدافها القريبة والبعيدة للطبقة العاملة ، فلا غرو أن تندفع الفئات العمالية بغض النظر عن اختلاف ايماناتها الدينية للالتفاف حولها، والتفاعل مع دعوات النضال من أجل تحسين ظروف عملها . فالعامل لا يشعر بأي حرج أو انتقاص لايماناته الدينية أثناء مشاركته مع النقابات التي يقودها الحزب الماركسي في النضالات اليومية من أجل تحسين ظروف العمل في المصنع أو المؤسسة من أجل الحصول على امتيازات جديدة . والسؤال : هل هناك تعارض بين أن تكون مؤمنا بدين ، وتكون مناضلا ضمن نقابه أو جمعية يقودها حزب ماركسي لينيني ؟ بالطبع ، لا .... ولتوضيح هذا نقول : هناك جانين في الماركسية اللينينية ، جانب فكري ، فلسفي يدرس الكون والقوانين التي بموجبها تتطور الطبيعة والمجتمع والفكر الانساني ... وهذا الجانب من اختصاص المثقفين الثوريين واللجان الحزبية القيادية ، كاللجنة المركزية واللجنة الثقافية ، واللجنة السياسية . وفكر اقتصادي يوضح سيرورة العلاقة الانتاجية بين العمال كطبقة عاملة تعمل بالأجرة ، والطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الانتاج . وجانب : اجتماعي تنظيمي ، وهو ائتلاف أفراد من العمال والفلاحين والحرفيين ضمن تجمعات شعبية أو نقابية من أجل الدفاع عنهم وتحسين أوضاع معيشتهم . وهذا الجانب يجمع الناس وفق المواصفات الطبقية ، ولا علاقة لهذا التجمع بنوعية الدين ... فالماركسية تُربي أن الظلم الواقع على العمال من قبل الطبقة المالكة لا يُفرق بين العمال حسب ديانتهم، بل ان الاستغلال يقع على جميع العمال ، فالطبقة البرجوازية تستولي على فائض القيمة من عملهم بغض النظر عن نوعية معتقداتهم الدينية . وبالتالي في دفاعها عن الطبقات العاملة وفي برامجها الاقتصادية ، وأدبياتها لا تضع في حساباتها الفوارق الدينية بين الناس ، بل تؤمن بالفوارق الطبقية ، كعمال ، فلاحين ، برجوازية صغيرة منحازة للعمال ، هذا في جانب ، وبرجوازية كبيرة وملاك أراضي وعقارات في جانب آخر . لهذا فهي لا تطلب من الأنصار غير الوعي والايمان بالبرامج الاقتصادية المرتبطة بالنضالات اليومية ، في هذا المصنع أو ذاك وصولاً الى البرامج الشاملة لحقوق الشغيلة على مستوى الوطن ككل . فأن تعرف أن الحزب الاشتراكي هو الحزب الذي يدافع عن مصالح العمال والشغيلة ، ومستعد أن تشترك في نشاطاته الاجتماعية والنضالية ... فهذا ممتاز ... ولكن لا ننسى أن هناك جانب وأقوال دينية تدافع عن الفقراء ، وتدعو الى انصافهم والعطف عليهم .. ولكنها دعوات أخلاقيه ، دعوات للاحسان والشفقة، ولكن هذه الدعوات لا تحل المشكلة الاقتصادية من أساسها ، مشكلة الاستغلال الذي تُسببه الملكية الخاصة لوسائل الانتاج . أن تؤمن ، تعتقد ، يعني أن تُميز بين الأفكار والأيديولوجيات .!! ومعروف أنه ليس هناك فكر أو أيديولوجيا محايدة ، فكل الأفكار والمعتقدات والأيديولوجيات ، حزبية ، أي تدعم وتدافع عن مصالح فئة ، قطاع من المجتمع ، نطلق عليه مسمى " طبقة اجتماعية " . وكل طبقة تعي مصالحها تتمسك بالأفكار الاجتماعية والاقتصادية التي تدعم مواقفها وتبررها ، وبالمقابل تكشف الوسائل للكيفية التي يجب السير بها لتحقيق الأهداف الاجتماعية . والماركسية هي الفكر الاجتماعي ، الاقتصادي الذي يدافع عن مصالح طبقات العمال والفلاحين ، ويكشف الوسائل للتحرر الاجتماعي ، وكيفية التخلص من سلطة رأس المال وأفكاره التي تخدع وتزيف الواقع ، وتعمل على ترسيخ الاعتقاد بأبدية اسلوب الانتاج الرأسمالي . ان البرجوازية لا تتنازل عن مصالحها بسهولة ، وبقدر تصلبها في حرمان العمال من حقوقهم ، بقدر ما تدفع جموع غفيرة من الشغيلة للانتماء والالتفاف حول الأحزاب الاشتراكية التي مطلوب منها أن تكون على قدر المسئولية والأهلية للدفاع عن الشغيلة في نضالها اليومي . وفي معترك النضال الطبقي تنصهر جموع غفيرة من الشغيلة في منظمات الحزب .ومعروف أنه لا يمكن أن يطلب من العمال أن يعتقدوا بالنظرة الفلسفية الجدلية حتى يكونوا ضمن منظمات الحزب الماركسي .. بل المطلوب هو الوعي ، الوعي أن الأحزاب الاشتراكية هي التي تناضل بكل اخلاص من أجل حصول الطبقات العمالية على حقوقهم . ان الحزب الماركسي اللينيني يعترف بما للدين من سلطة نفسية وحركية على المؤمنين به ، لهذا لا يمكن أن يُطلب من العمال تغيير مقدساتهم الموروثة اجتماعياً ، والتي تمنحهم الراحة والوسيلة لكسب رضي السماء .
وحول موقف قادة شيوعيون قدامى من أُناس متدينون .... نُورد ما قاله إنجلز : 
قال انجلز في حرب الفلاجين في المانيا : (إننا لسنا ضد الدين , بل ضد التطبيق السلبي للدين..). .كما دعا لينين الى قبول رجل الدين في عضوية الحزب الشيوعي . حيث قال في عام 1909 : (لايجوز القول بصورة قاطعة وبالنسبة لجميع الظروف أن رجال الدين لا يمكن أن يكونوا أعضاء في الحزب الشيوعي . فإن لم يقف ضد برنامج الحزب يمكن لنا أن نقبله .. لأن التناقض بين برنامجنا ومعتقدات رجل الدين , متعلقة به شخصياً، وهو تناقض شخصي)..ووجدنا في تأريخ الاممية أن قسا بروتستانتيا سويسرياً سابقا ، هو (جول أمبير–دروز) ، قد اصبح واحدا من قادة الكومنترن (الأممية الشيوعية) الرئيسيين، وهو من كان يدعو الاحزاب لشيوعية في العالم لموعد الاجتماع وينظم الدعوات والمواضيع وتجهيزها للنقاش، ولم يجد ان هذا يتعارض مع مبادئه البروتستانتية او تخل بادائه واجبات كنيسته عندما يعود الى بلاده، ولم تجد فيه الاممية الشيوعية خرقا للمألوف الشيوعي ... وكان رجال دين مسيحيون كثيرون يرون أن الاشتراكية حلاً لابد منه للتناقضات الاجتماعية ومكافحة الفقر. ومن ذاك امتلأ العالم خصوصا امريكا اللاتينية بسبب الفقر الكافر، بالرهبان الماركسيين مثل ارنستو كاردينال والاب توريز (الأب الاحمر) وآخرين هم آباء كنائسهم وهم بالمئات.. ان مايردده الغالبية ضد الدين هو من الفوضوية من باكونين وليس من الشيوعية.. لذلك قال عنه انجلز ايضاً (ان العداء للدين جملة فوضوية)..

السبت، 8 فبراير 2020

فكرة عن المادية التاريخية ...

>الصيرورة التي سار بها التطور الاجتماعي إن الواقعية في التفكير لا تنظر الى المظاهر في الطبيعة أو المجتمعات البشرية ، أو الأفكار والعلوم – لا تنظر لها – بطريقة انتقائية، عشوائية، انعزالية عن غيرها من المظاهر وارتباطاتها ، بل تنظر لها بطريقة منهجية في جمع المعلومة وتنطلق من اعتبار أن لكل شيء تاريخ، وتسلسل من ما قبل ، الى ما بعد ، من القديم الى الجديد الذي يتميز بسمات جديدة جعلته يظهر بهذا الشكل ...
فهناك تاريخ للغات - كيف نشأت اللغة وتطورت من التمايز في الأصوات، حيث أن تطور الحنجرة جعل في مقدورها النطق الواضح للكلمات المعبره عن الواقع ومظاهره وارتباطاته .. وهناك تاريخ للأديان ، كيف نشأت ، وأثر الجهل والخوف من المجهول في تبلورها بهذا الشكل العباداتي ، وتاريخ للكائنات الحية ، كيف ظهرت وتطورت ، وأثر الصراع من أجل البقاء في تشكل الجسم الحي واكتساب القدرة على التكيف مع ظروف البيئة. وتاريخ للانسان ، كيف كان - شبيه بالانسان، وكيف كانت حياته، وكيف دخل مرحلة الأنسنة، ومن ثم كيف تكونت المجتمعات البشرية وتطورت وارتقت الى بناء العمران البشري ، وتطوير الآلات لانتاج الغذاء ؟ -- وهكذا ، فلكل شيء تاريخ ، يبدأ من القديم الى الحاضر بطريقة منهجية تسلسلية تنطلق من ان لكل شيء سبب معقول --- وهكذا !!
= وفي نظرة الي تطور المجتمعات وارتقائها لا بد من التعرف على المقومات المادية والاجتماعية التي أدت الى التطور الاجتماعي وتسلسله بهذا الشكل وهو يبدأ ب : المشاع، ثم العبودية، فالاقطاع، فالرأسمالية الى أن يصل الى مرحلة الاشتراكية التي هي الطور الأول من الشيوعية ..الذي تقول به المادية التاريخية ؟
= نحن ننطلق من تطور الأداة ، الآلة التي يستخدمها الناس في انتاج الخيرات المادية اللازمة للحياة ، وأثر تطور أدوات الانتاج على مكونات المجتمع ..
فكل درجة من تطور الأدوات رافقه شكل جديد من التملك ، وهذا رافقه شكل اجتماعي جديد من التمايز الطبقي المترابط مع التركيز في التملك ، وهذا أفرز طبقة مالكة ، وطبقة غير مالكة ، وهذا التمايز الطبقي يعني وجود استحواذ وسيطرة من قبل الطبقات المالكة على خيرات البلاد ..
ان التمايز الطبقي يولد مشاعر متضادة بين المالكين والغير مالكين ، وهو ما يسمى بالصراع الطبقي ... وهذا الصراع يتخذ أشكالا عدة ...
ففي مرحلة المشاع لم يكن هناك صراعاً طبقياً ، لأنه لا توجد ملكية خاصة تؤدي الى خلق مقدمات للصراع الاجتماعي ..فكانت الغابة للجميع ، والفريسة من الصيد جماعية ، ولا يستحوذ عليها شخص بمفرده ، وحتى الزواج كان جماعيا ، فلا تخصيص لزوجة، وبعد اكتشاف الحديد والنار ، تطورت الأدوات فامتلك الناس أدوات جديدة ، جعلت هناك تمايز بين الناس في التملك ، فاشتعلت الغزوات والحروب، وكثر الأسرى والغنائم ، وتم تحويل الأسرى الى عبيد ، فأصبحت ملكية الأسرى والماشية هي التي تميز الناس عن بعضهم البعض ..مما أدى الى فرز المجتمع الى طبقتين متمايزتين متضادتين وهما : الأسياد والعبيد ، وهذه التقسيمة الاجتماعية كانت سائدة في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية " العبودية " ، وهذه المرحلة تعتبر لها صفات خاصة في الأدوات ونوعية التملك ونوعية الانتاج - الرعي - ، والغزوات للحصول على المراعي والماشية والعبيد ..
ان التمايز الطبقي أدى الى تبلور عدة أشكال للصراع بين طبقتي العبيد والأسياد ، فظهرت ثورة سبارتاكوس ، وثورة الزنج ، والقرامطة ...وفي مظاهره الدنيا : هروب العبيد من مناطق أسيادهم . - قصة : كوخ العم توم - .
= ومع تمركز التجمعات البشرية تحت مسميات : القبيلة ، مراعي القبيلة ، ظهرت الزراعة الأولية و الحاجة الى تطوير أدوات للعناية بالأرض والاستفادة من منتوجها المتزايد بقدر تطور الأدوات المستخدمة - كالمحاريث ، وآلالات طحن الغلال ، وعربات النقل ..وأصبح الميل الأكثر للانتاج هو توجيه العبيد للعمل في الزراعة ... من هنا أصبحت ملكية الأرض وما عليها من أقنان - مزارعين مرتبطون بالأرض - ، هي الملكية السائدة ، وأنعكست نوعية هذه الملكية على كامل التشكيلة الاقتصادية الاقطاعية ، التي تميزت بتملك الاقطاعيات الواسعة ، والاستحواذ على المنتوج الزراعي بالكامل ، ولا يزيد نصيب الفلاحون منه إلا ما يبقيهم أحياء للعمل في اليوم التالي .
وهذا أدى الى تعزيز التمايز الطبقي بكل وضوح ، وهما طبقة الاقطاع ، وطبقة الفلاحين ، وهذا عُرف باسم التشكيلة الاقتصادية الاقطاعية .وزادت المشكلة والصراعات الطبقية من وجود الوسطاء بين الاقطاعيين والمزارعين لتحصيل ريع الأرض السنوي وطلب المزيد دوماً .
ان النظام الاقطاعي كان مغطى بتحالف الكنيسة مع الملك، حيث ظهر نظام الحكم الملكي ، الذي يكون على قمته من يملك أوسع الاقطاعيات.... والتاريخ يحكي الكثير عن دور الكنيسة ، ومشايخ الأديان في تبرير وجود أنظمة الحكم الملكية تحت مسميات متعددة ، مثل : ملك ، والي ، سلطان ، خليفة ، الإمام ...
وهذه التشكيلة الاقطاعية سادت في كل المجتمعات البشرية تقريباً ، في أوروبا وفي آسيا ، وأفريقيا ، وملامحها درسنا عنها في المنهج المصري بوضوح قبل ثورة سنة 1952 التي قام بها الضباط الأحرار التي ألغت الحكم الملكي في مصر ..
= ولكن لم تقف حاجة المجتمعات الى هذا الحد ، فمع تركز المجتمعات وتكاثرها برزت الحاجة الى تطوير وسائل الانتاج - الأدوات والآلات المستخدمة في الانتاج - ففي رحم التشكيلة الاقتصادية الاقطاعية نمت ملامح لطبقة اجتماعية جديدة ، وهي طبقة الحرفيين المالكين لمصانع تقوم على الانتاج الحرفي الضروري للانتاج الزراعي ، بالاضافة الى مصانع الأقمشة والأسلحة والجرارات والسفن، ومع نمو الانتاج تعززت قوة هذه الطبقة مقابل طبقة الاقطاع ، فظهرت ملامح لطبقات جديدة ترتكز في ملكيتها على المانيفاكتورة - مجموعة مصانع - ومع اشتداد ملامح للصراع الطبقي ، وهروب الفلاحين من القرى الى المدن للعمل في المصانع مما أدى الى تعزيز قوة طبقة البرجوازية النامية في المدن ، وتمرد هذه الطبقة النامية على قيود الاقطاعيين وقوانينهم الضريبية ، أصبح واضحا وجود طبقات جديدة هي : البرجوازية المالكة للمصانع في المدن ، والعمال الأُجراء الذين لا يملكون شيئا ومضطرون للعمل عند البرجوازية ، وهما الطبقتان الأساسيتان التي قام عليهما النظام الرأسمالي .
وأصبح من الضروري تغيير النظام الاقطاعي ، وظهور نظام جديد يكون فيه جهاز الدولة تحت سلطة الطبقات القوية النامية اقتصادياً، فهنا اشتد الصراع الطبقي فقامت ثورات في معظم الدول الأوربية للتخلص من النظام الاقطاعي - الملكي - وسلطة الكنيسة - أبرزها الثورة الفرنسية ، وبسمارك الذي وحد ألمانيا . وتمرد لوثر كينج على صكوك الغفران .
كان من أبرز الشعارات التي رفعتها الثورات شعار " لسيه باسيه "، - دعه يعمل ، دعه يمر _ وهو دعوة للحرية في العمل للأفراد والرساميل. كما لعب فلاسفة التنوير أمثال " روسو" و" فولتير " ، دوراً مهما في اشتعال الثورات التي طالبت بالحرية وإحلال النظام البرلماني الانتخابي بدل النظام الملكي، ومنها من عمل على تحجيم النظام الملكي وجعله مقيداً بدستور جديد يخدم الطبقة النامية، وطموحات الجماهير نحو الحرية ..
= وعند فهم كيفية العمل الانتاجي في المجتمع الرأسمالي نجد أن البرجوازية التي لا تتعدى نسبتها %5 من المجتمع هي المالكة لوسائل الانتاج المصانع ، العقارات ، وهي التي تستولي على الأرباح، بينما هي طبقة طفيلية تستولي على ما يُنتجه الآخرون ..
في حين نرى أن العمال والطبقات الأخرى العاملين في الانتاج الذين نسبتهم تعادل 95 % من المجتمع لا يأخذون غير ما يسد الرمق من الأجرة التي لا تكفي لسداد حاجات الانسان الاساسية من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم وصحة .
من هنا نكتشف الخلل في الاستيلاء على الخيرات المنتَجة في البلاد ، فالبرجوازية القليلة تستولي على الكثير ، والعمال الكثيرون يكون نصيبهم قليل ..
ان النظام الرأسمالي هوالأب الشرعي للاستعمار الذي كان يستعمل العمال وقودا لحروبه من أجل اضافة مستعمرات وأسواق جديدة لمنتجاته .
ان التوسع في الأبحاث العلمية قد زاد من التطور المتسارع لأدوات ووسائل الانتاج والتكنولوجيا، مما أدى الى ظهور المنافسة الانتاجية ، وانهيار مؤسسات انتاجية، والقاء آلاف العمال في الشارع ، وتفشي البطالة الفقر والعوز ..
ان تزايد كثافة المجتمع، وقيام طبقة العمال والفلاحين بالدور الرئيس في انتاج الخيرات المادية ، بينما البراجوزية وبقايا الاقطاع يستحوذون على " فائض القيمة " من منتوج القوى العامل الذي يشكل الدخل القومي للبلاد، باعتباره حق لهم تمنحها لهم القوانين الواردة في الدستور البرجوازي الذي ينص على تعزيز الملكية الخاصة ، وتعزيز سلطة رأس المال والشركات الرأسمالية .
وفي هذه المرحلة الاقتصادية ظهر بوضوح حجم الاستغلال والغبن الواقع على الطبقات الاجتماعية الشعبية من عمال وفلاحين ، التي يقع على كاهلها القيام بالدور الرئيس في انتاج الخيرات المادية اللازمة لحياة المجتمع البشري ..
ان تطور وسائل انتاج الخيرات المادية هو الذي يساعد على بروز الحاجة الى انتقال النظام الاقتصادي الرأسمالي الى مرحلة جديدة مختلفة اقصاديا عن سابقاتها.
من هنا يجب تصحيح المعادلة ، بتغيير نوع الملكية ، من الملكية الخاصة للبرجوازية الرأسمالية ، الى ملكية عامة ... بحيث يصبح انتاج البلاد لصالح كامل المجتمع من عمال وفلاحين واداريين مساعدين في الانتاج ... من هنا ظهرت فكرة اشتراكية التي هدفها تسيير الانتاج الاجتماعي لصالح الطبقات المشتركة في الانتاج ....
وهنا يتضح هدفنا من القول نريد اشتراكية ، أي نريد ازالة الاستغلال أثناء العملية الانتاجية الجارية ، الذي تقوم به البرجوازية الطفيلية بدعوى ملكيتها الخاصة لوسائل الانتاج .
ان ازالة استغلال الانسان لأخيه الانسان لا يمكن إلا ببناء مجتمع تعاوني ، تكافلي تسود فيه الملكية الشخصية بجانب الملكية العامة والتعاونيات ، مجتمع لا تُوجد به أرضية لامكانية وجود طبقات استغلالية تطفو على سطح المجتمع وتستحوذ على خيراته ..
هذا المجتمع ، هو المجتمع الاشتراكي الذي لا توجد به طبقات متناحرة ، بل طبقتان متعاونتان هما طبقة العمال العاملين في الصناعة ، وطبقة الفلاحين العاملين في الانتاج الزراعي، وهاتان الطبقتان لا يوجد بينهما صراعات تناحرية ، وبقدر ما يجري ادخال التكنولوجيا والآلات المتطورة في الزراعة ، بقدر ما تزول الفوارق بين العمل في الزراعة ، والعمل في الصناعة .
-------------------------------
هذا باختصار شديد كيف انتقلت المراحل الاقتصادية من مرحلة الى أخرى ، وكان تطور الأدوات ووسائل انتاج الخيرات المادية المصاحَب بالصراع الطبقي هو الدافع الأقوى للتغيير من تشكيلة اقتصادية اجتماعية الى أُخرى .

ماهي الدولة ؟؟هل للدولة دين ؟

لا تزال هناك صعوبات في تعريف الدولة , فالدولة مشتقة من كلمة STATUS أي حالة أو وضع , لذلك تعددت التعريفات الغير متفق على جزئياتها من قبل الجم...