الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

لماذا تتحمل البشرية خطأ آدم ؟


حينما نطرح قضية ، أو فكرة ، أو احدى قصص الأديان الكتابية ، لا نطرحها على أنها ضمن الحدث الواقعي ، أي لا نعتبر أنها حدثت ضمن مقدمات واقعية أفضت الى سيرورة الحدث ونتائجه كما هي مطروحة في الكتب ، ولكننا نطرحها بتسلسلها ضمن التفكير الميثولوجي ، لا أكثر ، ومدى امكانية الحدث في الزمان والمكان !!
 واذا اصطدمنا بفكرتين تختلفان في التوجه والنتائج ، فاننا نطرحهما كما وردى في النص ، ومن ثم – أثرها على البشرية – والهدف من ذلك استبعاد الخلط في المفاهيم ودلالاتها البعدية على تفكير الأجيال !!
  فمثلا ، ورد في القرآن آية تقول ".﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾( سورة الزمر: 7 ) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( 39 ) – سورة النجم -  وورد أيضاً آية تقول " كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3- سورة الصف )
فما معنى ؟  ولا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( 39 ) – النجم -  المعنى واضح ، وهو لا يجب أن يُعاقب شخص على جريمة لم يرتكبها ، ولا يجب أن نعاقب شخص على جريمة ارتكبها غيره مهما كانت درجة القرابة بينهما . فلا يجب أن يعاقب شخص ما على خطأ ارتكبه أحد الوالدين ، أو على خطأ ارتكبه أحد إخوته . وهذا المعنى لا غبار عليه . وأن ليس للانسان إلا ما سعى ، أي كل انسان مسئول عن أفعاله ، ولن يعاقب على أفعال غيره .
ووردت في القرآن آية تقول : كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ، أي هناك دعوة الى الصدق في القول والفعل ، وأن يتناسب القول مع الفعل ، فلا يجب أن تقول كذا وتفعل عكسه ، فهذا من المكروهات التي يمقتها الله !!
وبالنظر في معنى هاتين الآيتين نجد أن هناك بعض التعارض في المعنى الذي ترمي اليه هاتان الآيتان ، كيف ؟
 " ولا تزر وازرة وزر أخرى  ، والآية "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( 39 ) – سورة النجم - " أي لا يجب أن يعاقب الله شخصاً على خطأ ارتكبه أجداده !! وبهذا لا يمكن أن يعاقب الله البشرية بسبب خطأ ارتكبه آدم ، وترتب عليه طرده من الجنة ، فإذا طُرد الأب كعقاب له ، فلماذا يعاقب الله أبناء آدم ، ويحرمهم من جنته ، ويضعهم أمام امتحان إذا ما أرادوا العودة للجنة !!
 إن خطأ آدم يجب أن تنحصر نتائجه على آدم نفسه ، فليس للانسان إلا ما سعى ، أي كل شخص مسئول عن أفعاله ، فلماذا تتحمل البشرية وزر شخص آخر ، ولو كان آدم ؟
 ان في ترك البشر في الأرض ، وما فيها من زلازل وأعاصير وصحاري وحروب وأمراض وفقر وتصارع على المعيشة ، بالمقارنة مع الجنة الموعودة لهو تخلياً واضحاً عن الآية " ولا تزر وازرة وزر أُخرى " ، أو الجنوح الى مقاصد بعكس ما ترمي اليه الآية شكلاً ومضمونا ، وهو القائل " كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " ، وهذا يعني أن الله لا يمكن أن يقول ما لا يفعل ويعاقب البشر على خطأ ارتكبه آدم !!
 وما نراه أن  الله قذف بالبشرية في الأرض ، وحرمهم من جنانه بسبب خطأ ليس لهم ضلع فيه . ان محاكمة البشر بتحميلهم خطيئة غيرهم فيه عدم انصاف ، والوضع الطبيعي أن يكونوا في الجنة !!
 أم أن الله قذف بهم في الأرض التي هي مسرح الشيطان ، إبليس الذي هو أحد ملائكته ، فلماذا يمنحه القدرة على العبث بهم وتخريب حياتهم ؟ وهو سيد الكون ، مالك المُلك بيده الخير والشر ، وهو على كل شيء قدير !!
 فإذا كان هناك مالك اقطاعي ، ولديه مدير أعمال شرير ، ويراه ، يضرب الفلاحين ويظلمهم ويعذبهم ، ولا يردعه ، وهو المالك القادر ، الآمر ، الناهي !! وفي نفس الوقت يسكت على ظلم مدير أعماله ولو كان ممن له حظوة عنده . فإن هذا شيء مستهجن ولا يُعقل من مالك له كل السطوة والقدرة على ردع الأشرار !!
 والسؤال : هل يستطيع الله أن يردع الشيطان ، ويمنعه من " الوسوسة في عقول الناس ، ويدفعهم الى ارتكاب الأخطاء ، وبالتالي يمنعهم من العودة الى الجنة الموعودة ؟ الجواب : نعم !!
 ولكن لماذا يرفض " الله " ردع الشيطان ، إبليس ؟ فمن الواضح أن هذه ارادته ومشيئته !!
 فمعاقبة " الله " للبشر على خطأ آدم – حسب النصوص المقدسة - وحرمانهم من الجنة وقذفهم الى الأرض ، وجعلهم فريسة للشيطان ، فكرة تحتاج للتوقف والتساؤل ،  فهم بهذا يُعاقبون على خطأ ليس لهم ضلع فيه ، في حين يُفترض أن يسبغ عليهم رحمته وينقلهم الى جنته الموعودة !!
 بالطبع هذا هو المأمول ، فرحمته هي العامة الطامة ، وهي الأمل الأخير ، وهي نهاية النهايات في الالتزام بما يقول : ولا يمكن تصور أن يعاكس الله قوله ، ويعاقب البشرية على خطأ ارتكبه آدم ، وهو القائل : ولا تزر وازرة وزر أُخرى !!
 من هنا ، فإن الله لن يخلف وعده ،  ولكن يجب الابتعاد عن الأعمال الشريرة التي تضر حياتك وتعكر علاقاتك مع الآخرين ، وعليك بالأعمال الخيرة النافعة لك وللآخرين .


السبت، 27 أغسطس 2016

مرکز بحثي ألماني يحدد موعد انهيار السعودية




مملكة الذهب الأسود تتأرجح هذه الأيام بين جبال لم تعتد علوها، حتى بدأ التعب يأكل مفاصلها؛ حرب اليمن، حرب ليبيا، الخلاف مع إيران، الحرب في سوريا، اتهامها بالإرهاب، دعمها للإرهاب، خلافات حادة ضمن الأسرة الحاكمة، وصمات عار في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة لمشاكل اقتصادية واجتماعية ومعيشية وعسكرية، الآن بدأ الهمس بتقسيم المملكة، همس يعلو تدريجياً ليصبح كلاماً في أروقة أصحاب القرار.
انهيار السعودية آت لا محالة، وقد توقعه الكثير من الخبراء الغربيين، توقعوا ذلك خلال عقود قادمة، لكن الأسرة المالكة نفسها تُسرّع في عملية الانهيار، وكما قلنا في بحث "هل سيشهد جيلنا انهيار الامبراطورية الأميركية" أن الأمم تنتهي من الداخل إلى الخارج، ونحن في مركز فيريل للدراسات في برلين نتوقع انهيار المملكة العربية السعودية عام 2023.
الهاوية الاقتصادية:
سقطت السعودية اقتصادياً، وباتت ديونها تتراكم نتيجة سياسة عدوانية غير مدروسة اتبعتها ضد دول أكبر منها، وتدخلها ومشاركتها الفعلية في حروب ضد هذه الدول، شاركت بشكل أساسي في الحرب والإبادة الوحشية ضد شعب اليمن، وفي حرب ليبيا وسوريا والعراق وأفغانستان ولبنان والصومال والسودان ونيجيريا والجزائر، واضطرت لتخصيص قسم كبير من ميزانيتها لتمويل أعمالها العدوانية، ويكفي أن نعلم أنّ حرب العراق كلفت الخزينة السعودية 48 مليار دولار، بحيث تجاوزت تكاليف هذ الحروب 1000 مليار دولار. سرّعت سياسة المملكة العدوانية تجاه روسيا وإيران، برفع سقف انتاج البترول لخفض أسعاره، عسى أن تضرب اقتصاد البلدين، فضربت اقتصادها أولاً.
ذكر بعض الخبراء الألمان أن السعودية تعاني من عجز في الميزانية بنسبة 23%، وأفادت تقارير صندوق النقد الدولي أن هذا العجز هو الأكبر منذ 10 سنوات، لأن مدخرات البنك المركزي السعودي قد تراجعت بنسبة 10% عام 2015 مقارنة بعام 2014، كما تراجع مؤشر الأسهم السعودية بنسبة 50% خلال الأشهر الأخيرة، ويزيد ذلك من احتمال انخفاض قيمة الريال السعودي وتدهور المستوى المعيشي للمواطنين السعوديين.
إجراءات التقشف السعودية السرية، والتي أمر بها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عام 2015، قلّصت الإنفاق الحكومي، وأوقفت جميع مشاريع البنى التحتية الجديدة، وشراء التجهيزات الكهربائية والالكترونية والأثاث والسيارات للدوائر الحكومية، كذلك إيقاف صرف أي تعويضات مالية، ومنع إبرام أية عقود استئجار جديدة. لا يتجاوز الصرف من اعتمادات البنود والمشاريع 25% من الاعتماد الأصلي للربع الرابع من عام 2015. وقد تم سحب 669 مليار دولار من الودائع السعودية في الخارج، للتغلب على الأزمة الاقتصادية، أي أنّ كل ما تم رصده في بنود ميزانية عام 2015 أو أي عام يليها سيتم صرفه بمتوسط 20% فقط من الميزانية المرصودة لكل بند. حسب أليستر نيوتن مدير مؤسسة آلافان: "لابد أن يعود سعر النفط إلى 110 دولارات للبرميل لكي تتمكن السعودية من الوفاء بالتزاماتها الطارئة فقط، ولتعود بالميزانية كما كانت وتعويض ما تنفقه وتكوين فوائض."
نشر موقع ويكيليكس وثيقة سرية لبرقية دبلوماسية أميركية أرسلت من السعودية؛ تفيد بأنه قد بولغ باحتياطي النفط السعودي وأن قدرة السعودية بالضخ بالطاقة الحالية مبالغ فيه. تقول البرقية بأن المسؤول عن التنقيب والإنتاج في شركة آرامكو أعطى معلومات مخالفة لما أعلنته الشركة. أي لا يمكن أن يعود برميل البترول إلى سعر 110 دولار.
أعلنت السعودية نيتها بيع شركة أرامكو، أكبر شركة نفطية في العالم، أو حصص منها، لأسباب علنية وخفية نذكر بعضها:
- العجز في الميزانية، ورفع سقف الإنتاج السعودي وهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية، والتأثير على منظمة أوبك.
- الخصخصة والمضاربة في أسواق الأسهم وعولمة القطاع كسبب خفي للبيع، فالمقصود أنه ليس من الضروري أن يكون احتياطي النفط والغاز الموجود في دولة ما ملكاً لها، في إشارة غير مباشرة إلى الاستيلاء على ثروات الدول، فمن الممكن أن تكون النوايا في خدمة هذا المشروع الخطير.
- التنافس مع إيران التي فرشت السجاد الأحمر للمستثمرين العالميين، إذ يسعى المسؤولون السعوديون لإبعاد هذه الشركات عن فرص الاستثمار في إيران.
- تغيير بنية الاقتصاد السعودي القائمة على النفط والغاز، ويُتوقع أن تبدأ السعودية بإنتاج الطاقة الشمسية بصورة تجارية بشكل أسرع من انتاج الطاقة الذرية، كما تجري استشارات أجنبية أميركية وبريطانية وفرنسية لبناء محطات طاقة نووية.
يعتقد الخبراء أن بيع الشركة سيكشف حقيقة احتياطي النفط السعودي بالإضافة لحجم الاستثمارات والأرباح، وحجم إيراداتها من النفط والسعر الذي تبيع به، وحجم الإنتاج والصادرات، وجميع الأرقام التي كانت راقدة خلف الستار. تُخمّن المؤسسات الدولية أن احتياطي النفط الذي تملكه الشركة هو 10 أضعاف احتياطي شركة اكسون موبيل أكبر شركة خاصة في العالم. يصل سعر شركة أرامكو لـ 12 تريليون دولار بالمقارنة مع اكسون موبيل بـ 323 مليار دولار وسعر شركة آبل الأميركية التي تقدر بـ 600 مليار دولار، لكن حسب تحاليل مالية، إذا تم عرض أسهم أرامكو فإن قيمتها لن تتعدى 100 مليار دولار بسبب عدم الشفافية والفساد والمخاطر السياسية.
تحججت السعودية بالبيع للتغطية على خسائرها، وأنها ستتحول من النفط كمصدر للطاقة ومصدر أساسي للدخل إلى مصادر يتأتى منها تغييرات حكومية تتضمن تغييرات جذرية في أولويات الاقتصاد السعودي ومصادر دخله. جزء من أموال بيع الشركة لإنشاء صندوق مالي سيادي لخدمة مجالات التنمية، كي تتمكن السعودية من العيش دون الاعتماد على النفط عام 2020.
فما هي المجالات التي من الممكن أن تكون موازية للنفط في إدرارها للمال، بالأصح ما المخططات الاستعمارية للسعودية التي ستجلب لها سراً الأموال، وراء ستارة الخطط الاقتصادية التنموية البديلة عن النفط؟ هل من الممكن أن تخلع السعودية عباءة النفط؟.
أعلن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية ،أن السعودية ستتبع نهجاً جديداً لتغيير خارطتها الاقتصادية المعتمدة على الطاقة، إلى العديد من القطاعات التي تساهم في التنمية المستدامة حتى 2030. لكنه بالغ بالمدة الزمنية كي لا يكشف عن الخطر الذي يهدد السعودية. أقول أنه من الممكن أن تتحقق هذه الأحلام في حالة واحدة فقط، إن بقيت السعودية على ماهي عليه الآن. كما شجع على العمل بقطاع التعدين الذي لاتستفيد منه السعودية بأكثر من 3%، أما في المجال العسكري فهي السباقة كثالث أكبر متسلح في العالم، تجلى العمل بذلك القطاع بإنشاء شركة قابضة للصناعات العسكرية مملوكة بالكامل للسعودية، ستطرح للبورصة بنهاية 2017.
اجتمع المئات من رجال الأعمال السعوديين، والذين يقتربون رويداً رويداً من فخ الإفلاس، مع استشاريين اقتصاديين غربيين، لبحث مستقبل الاقتصاد السعودي بعد الانخفاض الكبير لأسعار النفط. اقترحوا: تنمية المنشآت السياحية على بعض "الجزر"، بعدها باعت مصر جزيرتي صنافير وتيران للسعودية. واقترحوا أيضاً خلق مناطق حرة واسعة في المطارات، وتغييراً مهماً سيكون طارئاً على النظام في السعودية وهو منح تأشيرات الدخول للأجانب والعرب لأطول مدة ممكنة للسياحة والعمل، الاقتراح الأخير لإنقاذ الاقتصاد السعودي كان: مشاركة أكبر للنساء السعوديات في كافة مجالات الحياة! ولا ندري ما الذي حصل بعد الاقتراح الأخير؟!.
هناك سبب قد لايخطر على بال الكثيرين، يهدد صناعة النفط في السعودية، يتمثل في التغيير المناخي الذي يطمح المجتمع الدولي لمقاومته في المستقبل، مايخلق حالة ضبابية حول الطلب على النفط في المستقبل القريب والبعيد. عدا عن الإستعاضة عنه حالياً في بعض الدول بمصادر للطاقة صديقة للبيئة. حين تقلل السعودية من اعتمادها على النفط تكون بذلك قد وفرت الكثير من المصاريف، بضمان أن "البرنامج لن يجعل الفقراء أكثر فقراً!!” هو ما قاله الأمير محمد بن سلمان، بكل ما يمتلك من "حكمة وعظة". وصرح الأمير السعودي أن الرؤية الجديدة ليست عبيدة لأسعار النفط بل هي من تتكيف معه مهما بلغ انخفاضه.
توقع الرئيس التنفيذي لصناديق التحوط "بوينت ستيت كابيتول" زاك شرايبر، قبل عامين بهبوط أسعار النفط، وكانت توقعاته بمحلها. وقال: "أمام السعودية عامان أو ثلاثة قبل أن ترتطم بالجدار"، متوقعا أن تواجه إفلاساً هيكلياً، بسبب تهديدات مزدوجة تتمثل بالتزامات الاتفاق الضخمة، وانخفاض أسعار النفط، وتابع: "لا عجب أن السعوديين يستدينون مبالغ ضخمة". فوصلت الأسعار إلى 26 دولار للبرميل في حدها الادنى.
من تبعات الحرب اليمنية التي كلما طال أمدها، ازدياد الخوف من امتداداتها إلى منطقة الخليج الفارسي والاستثمار فيها، فالإمارات وقطر والكويت تتوجه أيضاً لشراء طائرات حربية وزيادة التسلح، وسيؤثر ذلك على مشاريع القطاع الخاص والعام وسيتأخر إنجازها إن لم يلغَ بسبب الإنفاق الحكومي على الأولويات العسكرية لا المدنية والتجارية. وصل إنفاق السعودية عام 2014 لأكثر من 81 مليار دولار ليشكل ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. مع زيادة الإنفاق العسكري تزداد التأثيرات السلبية على احتياطيات واقتصاديات الصناديق السيادية لدول الخليجیة وبالتالي سحب المزيد من الأموال لتمويل الحرب. مع العلم أن السعودية صاحبة أكبر اقتصاد عربي، فإن التهديد بتراجع معدلات النمو فيها يتزايد. بالاضافة لابتعاد الاستثمارات الأجنبية عن المشاريع طويلة الأمد وانخفاض نسب السياحة الدينية، وارتفاع تكاليف النقل والتأمين، وجميع جهود السعودية الحثيثة لتنويع مصادر دخلها قد تتعرقل أمام هذه العقبات.
الأهم من ذلك أن المواطن السعودي يدفع تكاليف مقامرة حربية غير محسوبة الأمد ولا العواقب، إذ تفاجأت السعودية بقدرة الثوار اليمنيین على الصمود على مدار سنة وأربع أشهر. وضعها في موقف محرج مالياً واقتصادياً وأمام حلفائها فلا تستطيع مطالبتهم بدفع تكاليف حرب أقل ما يمكن وصفها بالمغامرة، على العكس فقد تعهدت بدعمهم بتقديم 12,5 مليار دولار للقاهرة، على شكل مساعدات واستثمارات وودائع، إضافة الى 5,5 مليار دولار للأردن والمغرب والسودان وهي الدول الحليفة من خارج مجلس التعاون. فتكثر السعودية الآن من الهدن مع الحوثيين كي تتجاوز بها أزمتها الاقتصادية وتطلب القروض من الجهات الدولية المانحة. أما في سوريا… فللحديث شجون…

الأربعاء، 17 أغسطس 2016

أهم أسئلة معارضي نظرية التطور واجاباتها

الباحثون العلميون

Scientific Researchers - الباحثون العلميون
عندما قدَّم «تشارلز دارون» نظرية التطور عبر الانتخاب الطبيعي مُند أكثر من ١٥٠ عام، جادلَ عُلماء هذا العصر بشدّة بخصوص بُطلان هذه النظرية، ولكن بزيادة الأدلة العلمية من علوم مختلفة مثل: علم الجينات، علم الحيوان، علوم الحفريات وطبقات الأرض، علم الأجنّة، علم التشريح المُقارَن وغيرها من الأقسام، أسسوا تدريجيًا حقيقة التطور.
فيالهُ من أمرٍ مُحرِج، فنحن في القرن ال٢١ و حتى في أكثر الدول المتقدّمة علميًا تجد مؤيدي فرضيات مثل «التصميم الذكي» يطاردون القُضاه، السياسيين وحتى عامة الناس، يقنعوهم بأن التطور شيء خيالي رغم كل الأدالة المُقدمة من المجتمع العلمي حول العالم. فهم يحاولون بكل جُهدٍ أن يستبدلوا نظرية التطور بفرضيات ليس عليها أي أدلة علمية، بل يريدوا تدريسها في المدارس و الجامعات!
إن الجدالات التي يستخدمها المُشككون بنظرية التطور مُضلِّلة، ومعتمدة بشكل كُلّي علي سوء فهم للمباديء الأساسية للنظرية، ولكن عدد الانتقادات و تنوعها قد تضع - حتي الناس المُثقفين - في تناقُض، ولذَلك ستجد في القائمة الأتية أشهر الجدالات العلمية التي رُفِعَت ضد التطور. بل أيضًا ستُرشِد قُرّائنا الأعزاء لمزيد من المعلومات، وشرح لماذا فرضية التصميم الذكي ليس لها مكان في المناهج التعليمية؟!
نبدأ بالسؤال الاول و قد لا يكون الاشهر ولكنه مهم كبداية:-
١- التطّور مُجرّد نظرية، ليس حقيقة أو قانون؟!
دَرس الكثير منا في المرحلة الابتدائية أن مرتبة النظرية تقع ما بين الفرضية و القانون، و هذا غير حقيقي بالنسبة للعلماء، فهم لا يستخدموا هذا المُصطلح بهذا المعني. و بالرغم من أن تعريف «النظرية العلمية» بالنسبة «للأكاديمية الوطنية للعلوم - NAS» هو «شرحٍ وافيٍ مُدعم بالأدلة لظاهرة طبيعية، فالنظرية تتطلّب حقائق وقوانين واستدلالات وإاختبار الفرضيات، فإن توفّرت الأدلة و الأثباتات، تصبح النظرية حقيقة علمية».
فالجاذبية نظرية بالرغم من كونها حقيقة يُستدل عليها. و النظرية الذرية حقيقة يُستدل عليها. فالتطور نظرية وحقيقة يُستدل عليها. وهناك سوء فِهم، فلمجرد دعوة التفسير المدعومة بالأدلة على أنها «نظرية»، فلا يُنقِصها ذلك شيءٌ من حقيقتها. تعطي «الأكاديمية الوطنية للعلوم» تعريفًا للحقيقة أيضًا بأنها «المُلاحظة التي تم تأكيدها مِرارًا و تكرارً لجميع الأغراض العلمية، فأصبح لا مجال للشك على حدوثها».
٢- كل يوم، تفقد النظرية مصداقيتها وأتباعها؛ حُجة أن الغرب حطمها.
لا يوجد أي دليل علي أن التطور يفقد أتباعُه، و لا يوجد أي دليل علي أن العلماء يرفضون التطور. بدليل انك لو تصفحت أي مجلة بيولوجية مُتخصصة مشهورة، ستجد انها لا تُناقش قضية التطور لأنها قضية لا يوجد عليها نقاش. فلا يوجد خلاف على مبادئ التطور في الوسط العلمي. وقام «George W. Gilchris» من جامعة «Washington» بعمل استطلاع بين المجلات العلمية عن أي أبحاث تتعلق بالفرضيات المنافسة للتطور كفرضية «التصميم الذكي»، و لم يجد أي شيء منشور لهم. و أيضًا في فترة سابقة، كان هناك استقصاءات بشكل مستقل من قِبَل «Barbara Forrest» من جامعة «Southeastern Louisiana» و «Lawrence M. Krauss» من جامعة «Case Western Reserve»، حيثُ وجدوا أنه لا توجد أبحاث عن ذلك الأمر أيضًا.
يُصرِح المُشككون بالتطور بأن المجتمع العلمي ِمُنحصِر الفكر، ومغلق الذهن، لا يريد أن ينظر في أدلتهم. فهم يقدمون أدلةً في كُتبٍ مؤلَفة من أشخاص مؤدلجة ،يسمونها علمية، وهي مساوية لأدلة وجود بابا نويل في المقام العلمي!
{بهذه المناسبة السعيدة، احتفل محرك بحث جوجل الأسبوع الماضي بذكرى مرور ٤١ سنة علي الحفرية لوسي} ( ٢).
٣- هناك خلافات بين علماء الأحياء التطورية، وقليل منهم من يتفق معها !
يناقش علماء الأحياء التطورية موضوعات متنوعة بحماس، حيث يتعارضون فيما بينهم علي قضايا، مثل: نشأة الأنواع، معدلات التغيُّير التطوري، علاقتنا بالأجداد والأسلاف المشتركة وغيرها. لكن جميع العلماء متفقون على مبدأ التطور نفسه، وهم يتناقشون حول تفاصيله كأي علمٍ أخر؛ للوصول لأفضل نتيجة.
أما المُشككون فيعتمدوا على طُرق غير نزيهة، وهي الاعتماد على أراء علماء، ومن ثم تأويلها بصورة تَدعم فكرتِهم. مثلما فعلوا مع عالم الحفريات «ستيفن جاي غولد» من جامعة هارفارد، حين صَرَّح بأن التطور يحدث، وهو مُعتَرِف بالتطور لكنه كان يشُك في عملية «الانتخاب الطبيعي»، و يقترح فرضية مختلفة جُزئيًا فيقول " إن التوازن المفاجىء والذي يوضِّح أن الصنّف ذو القدرة الأكبر على التكاثُر من أي كائن حي لهو المٌنتشر في الطبيعة، والتطور الذي قد حدث له في تاريخُه أو قد يحدث له مستقبلًا يكون إما معدومّا أو يكون تغيرًا طفيفًا جدًا، وإن حدث تطور في نوع ما من الكائنات الحية فإنه يحدث بطريقةٍ سريعةٍ مفاجِئةٍ، خاصة إذا قارناها مع مُدّة معيشة هذا الكائن على الأرض.
فَرِحَ
المشككون بتلك النظرية جدًا، فقد أساؤا الفِهم ونقلوا الرأي بعد تأويلهم له عشرات المرات؛ كي يتناسب مع أفكارِهم كما لو أنه مُعارِض لمفهوم التطور، ولكنهم غير مدركين بانهم يُعارضوا فكرةٍ أخرى بمعارضتم لفكرة الانتخاب الطبيعي، وكلاهُما يؤدي لنفس الفكرة تحت مبدأ التطور. فرح المشككون فرحةً لا مثيل لها، كانوا يظنون بأن «جولد» يشُّك في التطور، ويعتقدون أن الطيور بين ليلة وضُحاها تلد بيضة يخرج منها زواحف.
٤- التطَّور غير علمي، لأنه غير قابل للاختبار، ويدّعي قصص حدثت في الماضي، ولا نستطيع تكرارها!
هنا علينا أن نوضح بإن هناك قسمين من التطور:
- أولًا «Microevolution - التطور الصغروي»: هو تغيرات داخل نوعٍ واحد، هذه التغيرات هي نقطة انطلاق لأنواع جديدة.
- ثانياً «Macroevolution - التطور الكبير»:هو تغيرات على كل الأنواع، فهو لا يتعامل مع تغيُّر نوعٍ واحد، بل عدة أنواع مُتّصلة. ويظهر ذلك التطور بدراسة علاقة عدة أنواع ببعضها البعض، وعمل مجموعات تصنيفية بين هذه الأنواع.(٣)
تتم المقارنة بين الأنواع على أساس السجل الأحفوري، الحمض النووي و مدى التشابُه بينه و بين الأنواع المختلفة التي يُحتَمل أن تكون ذات صلة ببعضها البعض. حاليًا، كثير من المشككين يُقرُّون بصحة التطور الصغير، كما أيدت المختبرات صحة التطور الصغير علي ذبابة الفاكهة، و بين دراسة مناقير العصافير الموجودة علي جزيرة «Galápagos».
أعتمدت دراسة التطورات الكبيرة علي الأحافير و الحمض النووي بدلًًا من الملاحظة المباشرة، وهذه طريقة علمية تُستخدَم في علوم مُختلفة، مثلًا: أعتمد علم فلك والجيولوجيا و الأثار على نفس الفكرة. كذلك الحال مع الأحياء التطورية، فيتم اختبار الفرضيات ومن ثم النظر إن كانت توافق الأدلة المادية أم لا، و إن كانت تلك الفرضيات يمكن التحقُق منها في الحصول على تنبؤات بنتائج في المستقبل، حيث تنبأت نظرية التطور بأن أقرب سلف لنا من حوالي ٥ مليون سنة، بينما الإنسان الحديث ظهر قبل ١٠٠ -٢٠٠ ألف عام. وما بين تلك الفترة نجد سلسلة من الأحافير تختلف كل واحدة عن الأخري في تغيُّر تدريجي، فهنا يفيد التطور بأنه يتنبأ بأنك لا تستطيع أن تجد إحفورة لأي بشري أو حتي كائن شبه بشري أو قرد أو أي نوعٍ من أنواع القردة العُليا منذ ١٤٤ مليون سنة في العصر الجوارسي مثلًًا «عصر الديناصورات». وأضاف علم الأحياء التطوري الكثير، و ساعد العلماء على التنبُوء و التدقيق علي تلك التنبؤات. و من أهم سِمات العلم الصحيح، قدرتة علي التنبوء.
وهناك رِهانٌ قائم لدحض نظرية التطور، وهو إن أستطعت أن تجد أحد الحفريات ليست في عصرها الصحيح وتختلف مع كل السجل الأحفوري، حينها نستطيع أن نُشكك أو حتى نُنكر معظم مباديء التطور.
٥- يعتمد مفهوم الانتخاب الطبيعي علي مُغالطة منطقية تُسمى «البرهان المغلق»، بحيث الأصلح هم من يظلوا علي قيد الحياة، اذًا كل من هو على قيد الحياة فهو أصلح ؟!
«البقاء للأصلح أو للأنسب» لطالما كانت تلك العبارة وسيلة بسيطة لشرح مفهوم الانتخاب الطبيعي، و لكن كي نكون أكثر دقة فإن معدلات البقاء تختلف في الأنواع من حيث البقاء و التناسل، فنحن لا نستطيع أن نُصنّف الأنواع من مفهوم البقاء للأصلح، كل ما نستطيع فِعلُه أن نضع النوع في ظروف معينة و نشاهد كيف سيظل علي قيد الحياة، و هل لديه القدرة ليتحمل تلك الظروف؟! فهكذا يصبح الأصلح. في دراسة قام بها «Peter R. Grant» من جامعة «Princeton» أن هناك نوعان من طيور «الفينش» و «المرقش» {النوع الأول بطيء و بمنقار عريض سنُسمية س، النوع الثاني لنوع سريع بمنقار رفيع سنسمية ص}، و قام بترك النوعين علي جزيرة «Galápagos» وقام بمراقبتهم، وجد أن النوع الأول (س) بمنقارِه العريض أستطاع أن يُحطم البذور الغذائية ليحصل على الغذاء من داخلها بسهولة، بينما النوع الثاني (ص) رغم انه أسرع و لكنه لا يستطع البقاء ولا يحصل علي الغذاء الكافي الذي يضمن له البقاء، فتزيد نسبة تكاثر و انتشار النوع الأول (س) عن النوع الثاني (ص). هنا ليست اللياقة البدنية هي سر البقاء، بينما الظروف هي التي تُحدد من سيبقى و من لن يبقى. [٤] [٦]
رابط الورقة البحثية من سنة ١٩٩١ في مجلة «Nature» ضمن التعليقات. [١]
٦- دعونا لا ننسى سٌؤال قد يعد الاشهر، اذا كان البشر أنحدروا من القرود، فلماذا لا يزال هناك قرود؟!
اقسملكم انه لم يقل أحد ان الانسان أصله شيمبانزي او غوريلا او اي نوع من أنواع القردة التي تشاهدوهم في حديقة الحيوانات! هذا الجدال الشائع يعكس عِدة مُستويات من الجهل بنظرية التطور، الخطأ الأول أن التطور لا يدّعي أن البشر انحدروا من القرود، بينما هناك سلف مُشترك بين الأنسان و القرد !
الخطأ الأعمق هو أن هذا الأعتراض بمثابة التساؤل بأنه إذا انحدرت الأطفال من البالغين، فلماذا لا يزال هناك بالغين؟! أو التساؤل بأنه إذا أنحدر الأمريكون من الأوروبين، فلماذا لايزال هُناك أوروبين؟!
تطورت الأنواع الجديدة بسبب الانفصال عن المَنشأ الأساسي. عندما تنفصل مجموعة من الكائنات عن العائله الأساسية تكتسب اختلافات تجعلها مُختلفة عن أقاربها للأبد.[٦]
٧- التطور لا يُفسّر كيف ظهرت الحياة على الأرض!
لم تتطرق نظرية التطور عبر الانتخاب الطبيعي إلى تفسير أصل الحياة، فلا يزال أصل الحياة لغزًا كبيرًا،
ولكن أستطاع علماء الكيمياء الحيوية التوصل إلى كيفية تكوُّن الأحماض النوويّة و الأحماض الأمينيّة البدائية، وكيفية تنظيم أنفسهم إلى وحدات تتكاثر ذاتيًا قائمةً بذاتها، ووضع حجر الأساس للكيمياء الحيوية الخلوية. أشار تحليل التفاعلات الكونية إلى أن هذه المُركبات ربما تكوّنت في الفضاء وهبطت إلى الأرض على المُذنبات. وهذا السيناريو قد يحل مُشكله كيف نشأت الحياة على سطح الأرض في ظل الظروف التي كانت سائدة في بداية تكوُّن الكوكب.
يحاول المشككون إبطال نظرية التطور، و بالتالي العلوم المعتمدة عليها بالإشارة إلى عجز العلم عن تفسير أصل الحياة. فكما قلنا سابقًا أن نظرية التطور لا تفسر كيف نشأت الحياة، بل كيف تنوعت الحياة،. فهناك علم يناقش قضية أصل الحياة و هو علم «Abiogenesis» [٥].
ولكن حتى وإن كان هناك تدخُل من قوى خارجية - أي خارج كوكب الأرض- لإنشاء الخلايا البدائية الأولي من بلاين السنين، فمنذ ذلك الحين تم تأكيد حدوث التطور بشدّة من قِبَل عدد لا يُحصى من الدراسات.
٨- لم نشاهد باعيُنِنا أبدًا نوعًا جديدًا يتطوّر.
في الحقيقة تطور نوع جديد هو ظاهرة نادرة جدًا، و عادةً يستغرق ذلك قرونا ليحدُث. أيضًا، من أصعب الأمور هو تمييز النوع الجديد خلال مرحلة تطورُه. وتعريف النوع بشكل عام قد يختلف عليه العلماء، ولكن التعريف الأكثر استخدامًا هو «مصطلح ماير للصنف الحي - Mayr’s Biological Species Concept»، يُعرِّف الصنف على أنه مجتمع مُتميِّز من الكائنات المعزولة تكاثُريًا، وهي الكائنات التي عادةً لا تستطيع التكاثر خارج مُجتمعها. عمليًا، هذه المعايّير يُمكن أن تكون صعبة التطبيق للكائنات المعزولة بواسطة البُعد أو قِطَع الأرض، أو النباتات… بالتأكيد إن الأحافير لا تتناسل. لذلك فإن علماء الأحياء يستخدمون الصفات الفيزيائية وتصرُّفات الكائن كدلالةٍ على عضويتهم في النوع . ومع ذلك، تحوي الإصدارت العلمية تقارير عن تشكيل تطوري لنوع جديد من النباتات، الحشرات والديدان. [٧] ورقه بحثية.
في العديد من هذه التجارب، يقوم الباحثون بتعريض الكائنات لأنواع عديدة من الانتقاء كالاختلافات التشريحية، طريقة التآلِف، المسكن، وصفات اخرى. ووجدوا أنهم قد خَلقوا مجموعات من الكائنات التي لا تتكاثر مع الغرباء. فمثلًا، «ويليم ار ريس - William R. Rice» من جامعة نيومكسيكو و «جورج دبليو سُلت - George W. Salt» من جامعة كالفورنيا قالا أنه إذا تم تخزين مجموعة من ذباب الفاكهة حسب تفضيلهِم لبيئات مُعينة وتكاثُر هذا الذباب بشكل مُنفصِل خلال ٣٥ جيل ، فإن الذباب الناتج سوف يرفُض التناسل مع ذباب من بيئة مختلفة.
٩- يستطيع الانتخاب الطبيعي تفسير التطور على مستوى الأحياء الدقيقة «Microevolution»، ولكن لا يستطيع تفسير الصُّور الأرقى للحياة أو ال«Macroevolution».
َكتب عُلماء الأحياء التطورية بشكلٍ كبير عن طريقة إنتاج الأنواع الجديدة عبر الانتقاء الطبيعي. علي سبيل المثال، نموذج يُسمى «allopatry»، الذي قام بتطويرُه «ارنست ماير - Ernst Mayr» من جامعة هارفرد، والذي قام بفصل مجموعة من الكائنات عن بقية الأنوع بعوازل جغرافية، مما عرضها لضغوطات انتقائية مختلفة، حيث تتراكم التغيُّرات في المجموعة المعزولة. إذا أدت هذة التغيُّرات إلى عدم استطاعة المجموعة الجديدة التناسل مع المجموعة الأصلية، تُصبح المجموعة الجديدة معزولة تكاثُريًا وفي طريقها لتصبح نوعًا جديدًا.
يعتبر الانتقاء الطبيعي أفضل آليات التطور المدروسة، ولكن هذا لم يمنع علماء الأحياء من التفكير في احتمالات أخرى، حيث يقومون بتقيم إمكانية آليات جينيّة غير اعتيادية على إحداث تطور لنوع جديد، أو إظهار صفات مُعقدة في الكائن. لقد برهنَ «لين مارجوليس - Lynn Margulis» - من جامعة ماساشوتس - بشكلٍ جيد على أن بعض عضيات الخلية مثل المايتوكندريا مصدرًا الطاقة، وقد ظهرت في الخلية نتيجة تعايُش تكافُلي مع كائنات قديمة. مما يوضح إمكانية حدوث التطور بطُرُقٍ أخرى غير الانتقاء الطبيعي، ولكن بشرط أن يُمكن الاستدلال على هذه الطُرُق. [٨ ورقة بحثية]
١٠- رياضيًا، مُستحيل أن تتكوَّن بروتينات مُعقدة عن طريق الصدفة، ناهيك عن خلية حية أو كائن حي.
تلعب الصدفه دورًا في التطور. فعلى سبيل المثال: الطفرات العشوائية تُنتِج صفات جديدة، ولكن لا يَعتمد التطور على الصُدفة في جميع الحالات لتنشأ كائنات حية متنوعة { إقرأها مرة أخرى من فضلك}. فالبروتينات والمُركبات المُعقدة الأخرى، تكون على العكس تمامًا، فهي تقوم على آليه الانتخاب الطبيعي، وهو الآلية الرئيسية المعروفة للتطور. فيُسَخَّر التغيُّير العشوائي من أجل الحفاظ على الصفات المرغوب فيها، والقضاء على الصفات غير المرغوب فيها. وما دامت قوى الانتخاب الطبيعي ثابتة، يستطيع الانتخاب الطبيعي أن يدفع التطور في إتجاهٍ واحد، الإتجاه الذي يُعزِّز بقاء النوع. وتُنتَج هياكِل مُتطورة في أوقاتٍ قصيرة، بمعني أن الانتقاء الطبيعي يعمل كَمصْفى أو فِلتر لكل الصفات، وينتقي منها الصفة المُعزَّزة لبقاء النوع، ويُفَنِّد أي صفة تُقلِّل فرصة الكائن للاستمرار. [١١]

١١- يوضح القانون الثاني للديناميكا الحرارية أن الأنظمة يجب أن تتَّجِه من النظام إلى عدم النظام، فلا يُمكن أن تتطور الخلية الحية من مواد كيميائية غير حية، فالحياة مُتعددة الخلايا من مجموعات وحيدة الخلية.
تُستمد هذه الحُجة الشهيرة من سوء فهم للقانون الثاني الخاص بالديناميكا الحرارية -Thermodynamics»؛ لأنه لو كان صحيحً فإن البلُّورات المعدنية والثلج أيضًا سيصبحا مُستحيلا التكوُّن؛ لأن هذه المُركبات المُعقدة تتكوَّن بشكلٍ عفوي من أجزاء مُضّطربة وغير مُنظمة. في الواقع ينُص القانون الثاني على أن الفوضى لا تقل أبدًا في نظام مُغلق، أي نظام لا يحدث فيه تبادل بين المواد خارجهُ وداخلهُ. الغريب في الأمر أن أصحاب هذا الادعاء لا يعرفون أن الأرض ليست نظامًا مُغلقًا، فهي تستمد الضوء والحرارة دائمًا من الشمس، والتي تستغلها الكائنات الحية لتمدها بالطاقة. وعليهِ، يُمكن للكائنات الحية الأكثر تعقيدًا أن تتطور بصورةٍ عاديةٍ و بدون مُعارضة للقانون الثاني للديناميكا الحرارية عن الكائنات الأبسط تعقيدًا. [١٠]

١٢- الطفرات الجينية لا يُمكنها أضافة صفات جديدة، و يمكنها فقط إزالة صفة موجودة في الكائن الحي !
في الواقع، هذا غير صحيح. فعلم الأحياء قد صنَّف العديد من الصفات التي كانت نتاجًا ل«طفرات نقطية - Point Mutation»، أي التغيرات الحاصلة لزوجٍ من القواعد النيتروجينية في الحمض النووي للكائن، كمقاومة البكتيريا للمضات الحيوية كمثالٍ قريبٍ مِنّا. فالطفرات التي تظهر في جينات الـ «Homebox-Hox»، وهي عبارة عن عائلة من الجينات المسؤولة عن تنظيم النمو في الحيوانات، يمكن لها أن تُحدِث تغيُّرات مُعقدة. يُرشد ال «Hox» الأقدام، الأجنحة، قرون الاستشعار وأجزاء الجسم إلى أماكن نموها. في ذبابة الفاكهة مثلًا، طفرة تُسمى «Antennapedia»، والتي تُسبِّب نمو أقدامها في الأماكن الخاصة لنمو قرون الاستشعار. هذه الأطراف غير الطبيعية ليست فعَّالة، ولكن وجودها يوضح أن الأخطاء الجينية، حتى البسيطة منها، يُمكن أن تُنتِج تراكيب مُعقدة، والتي يقوم الانتقاء الطبيعي فيما بعد باختبار امكانية استخدامها و تصفيتها أو فلترتها.
اكتشف علم البيولوجيا الجزيئية آليات للتغيُّرات الجينية غير «الطفرات النقطية - Point Mutation»، وهذا يوسع الطرق والآليات التي تظهر من خلالها الصفات الجديدة. فهناك وحدات وظيفية في الجينات يُمكن أن يندمجوا معًا ليُشكلوا تركيبةً جديدة. فيُمكن أن يتم مضاعفة جينات كاملة صدفةً في الحمض النووي للكائن، ويمكن أن تظهر طفرات خاصة بصفات جديدة مِعقدة في كِلا النسختين، وهذا يحدُث حولنا بصورة دورية. فمقارنة الحمض النووي للعديد من أنواع الكائنات يدل على أن هذه هي الطريقة التي تطورت فيها جينات عائلة «الجلوبين - globin» وهي بروتينات الدم، عبر ملايين السنين. [١١]
هل ما زال في بالك سؤال علمي؟ حسنًا يمكنك طرحة بالتعليقات و سيتم تحديث الموضوع دورياً ☺️
__________________________
إعداد الموضوع:- Emad Fayed و Nourhan El-Omery
تدقيق علمي:- Mohamed Farrag
تدقيق لٌغوي :Mai Mahmoud Abd Elhamied
تصميم:- Abdallah Elansari
___________________________
مصادر علمية لكل فقرة بالارقام:-
1-http://bit.ly/1V8HUXz
2-http://on.fb.me/1V8IlkL
3-http://bit.ly/20Q2anU
4-http://bit.ly/20Q2cfl
5-http://bit.ly/1V8J9Gd
6-http://bit.ly/20Q2mmU
7- http://bit.ly/1WhPJdQ
8- http://bit.ly/1WhPPSP
9- http://bit.ly/20Q2mmU
10-http://bit.ly/1WhPYpj
11-http://bit.ly/20Q2mmU
________________________
‫#‏الباحثون_العلميون‬

السبت، 30 يوليو 2016

الربيع العربي أنبل وأفضل ظاهرة في تأريخ العالم العربي

الربيع العربي أنبل وأفضل ظاهرة في تأريخ العالم العربي

حسن خضر كاتب فلسطيني، يُعنى بشؤون النقد الأدبي. ترأس تحرير مجلة الكرمل الجديد الثقافية، ويشتغل بالبحث في الثقافتين العربية والإسرائيلية، نشر كتباً ودراسات أصلية ومُترجمة في حقل تخصصه، ويواظب على كتابة مقالة أسبوعية في جريدة الأيام الفلسطينية.
———————-
حاوره: كفاح هادي
(الإسلام هو الحل ) شعار طالما ردده الإسلاميون، ترى هل ينطوي هذا الشعار على مواجهة بين الإسلام والحداثة؟
– الرد على الأسئلة، في حالات كثيرة، يستدعي طرح أسئلة تُسهم في العثور على أكثر من إجابة محتملة. إذا فكّرنا في شعار: “الإسلام هو الحل”، نسأل: ما المقصود بالإسلام؟ النص أم الثقافة؟ هذان أمران مختلفان. فالنص مُقدّس ولا يتغيّر، أما الثقافة فما نجم عن دوران شفرات غير مرئية لخلاّط تاريخي هائل، تفاعلت فيه واختلطت اثنيات وثقافات وسياسات، من تجليات في العمارة والفنون والآداب وأنماط العيش والتفكير والتبادل والعلاقات، ونُظم الحكم، والتشريع، على مدار حقبة طويلة من الزمن. وهذه متغيّرة، وقد حكمت حضور النص المُقدس فيها مفاوضات دائمة بين الديني والدنيوي.
النص صامت لا ينطق إلا بألسنة الرجال، وفي كل نطق تأويل استدعته، في هذه الحقبة التاريخية أو تلك، خصوصية العلاقة بين السلطة والمعرفة من ناحية، وضرورات وإكراهات السياسة والسوق من ناحية ثانية. ولعل في هذا ما يُفسّر تعددية المذاهب والمدارس الفقهية في الحقل الديني، صراعات تقنّعت بقناع الدين، أيضاً. ففي الماضي، كما في الحاضر، وفي الشرق كما في الغرب، إذا استعر صراع بين طرفين يعتمدان النص المقدّس نفسه، اتهم كلاهما الآخر بسوء التأويل. وفي الحالتين تقتضي الخبرة التاريخية تفسير الصراع بالسياسة ولغتها، لا بالدين، ومنظومته اللغوية والمعرفية. لذا، في تحويل الدين إلى خارطة طريق للسياسة ما ينطوي على جهل أو تجاهل لتاريخ الدين نفسه، وعلى تبسيط مخل لمفهوم السياسة.
ولنفكّر في “هو الحل”. حل ُماذا؟
مشكلة التبادل اللامتكافئ في الاقتصاد العالمي، الأزمة المالية العالمية، نضوب الموارد، التلوّث الإشعاعي، المناخ والاحتباس الحراري، فيروسات الإيدز وجنون البقر وأنفلونزا الطيور؟ هذه مشكلات تتجاوز حدود الدول والقوميات والثقافات، وتتجاوز قدرة التأويلات المحتملة للنص الديني على الحل.
وماذا عن مفهوم الدولة، والدستور، والمواطنة، والأحزاب والانتخابات، وتبادل السلطة، والتعددية الثقافية والسياسية، والعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة، والحريات الفردية والعامة، بما فيها حرية التعبير والمعتقد؟ ماذا عن المساواة أمام القانون بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو العرق، التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
– هذه كلها مفاهيم حديثة وكونية، وتمثل ميراثاً مشتركاً لكل بني البشر. وبقدر ما يتعلّق الأمر بما يُعرف اليوم بالعالم العربي، فإن دخوله إلى الأزمنة الحديثة فُرض عليه من خارجه، وبرغم أنفه، في زمن التوّسع الاستعماري الغربي، وهذا مصدر علاقته المأزومة والمُلتبسة بنفسه وبالغرب والحداثة في آن. لم تكن الكولونيالية، ولا الحداثة، مؤامرة من أحد على أحد، بل حكمت هذه وتلك ضرورات وإكراهات الجغرافيا السياسية، والصراع على الموارد، والثورتان التوأم الصناعية والعلمية، ونشوء القوميات ودولها.
وهل يُفسّر هذا إرجاع العديد من الكتاب والمشتغلين بقضايا الفكر ما نعانيه اليوم من كوارث بنيوية واقتصادية وسياسية إلى المستعمر والمستشرقين، وهل يصح ذلك؟
– فيما تقدّم نعثر على الحاضنة التي نبتت فيها ذهنية ونظرية المؤامرة، والآليات النفسية والثقافية والسياسية التي ولّدها الإحساس بالانسحاق الحضاري والإنساني والعسكري أمام الغرب. وهذا ما أحبط كل محاولة للإصلاح السياسي والديني كشرط لدخول الأزمنة الحديثة. فنظرية المؤامرة تُعفي الأنا العربي والإسلامي من المسؤولية عن الهزيمة التاريخية، وتفترض أن العرب والمسلمين ضحايا، مع ما ينطوي عليه أمر كهذا من تحريض، وكراهية للآخر، ورغبة في الانتقام، والتمركز المرضي على الذات. والمفارقة أن هذا كله يحدث في ظل افتنان وكراهية.
وربما جاز الاستطراد في هذا السياق بالعودة إلى العمل الكلاسيكي لإدوارد سعيد “الاستشراق”. فهذا العمل، وصاحبه، ينتميان إلى التقليد الثقافي الغربي، الذي يُعد النقد الذاتي، ومساءلة السائد من الأفكار، من مكوّناته الرئيسة.
لم تكن المحاولة السعيدية دفاعاً عن الإسلام، ولا كانت تأريخاً للاستشراق، بل كانت تمريناً بأدوات النقد الأدبي في تفكيك العلاقة بين المعرفة والسلطة والخطاب، لا يزعم صاحبه الإحاطة بالموضوع من كل جوانبه، فالاستشراق الألماني، مثلاً، لم يحتل مكانة خاصة في الكتاب، وآراء المستشرقين التي تناولها بالنقد والتحليل لا تختزل كل نتاجهم، بل تغطي جانباً يتعلّق بكيفية توظيف المعرفة لأغراض سياسية، وكيف أن الرغبة في تحقيق أمر كهذا، وفي سياق المركزية الأوروبية، والإحساس بالتفوّق الحضاري، يمكن أن يخلقا واقعاً مُتخيّلاً لا يتطابق، بالضرورة، مع الواقع الحي والمُعاش على الأرض.
وأذكر، في هذا الصدد، ما سمعته من إدوارد سعيد، بصفة شخصية، حين ذكر في معرض سوء الفهم الذي ناله الكتاب في العالمين العربي والإسلامي، أن ترجمة لكتابه صدرت بالفارسية، وأضاف إليها المترجم فصلاً في مديح الثورة الإيرانية. كان إدوارد سعيد يرى نفسه فلسطينياُ وعربياً وأميركياً في آن. وكان يرى أن تعددية الهويات وثيقة الصلة بكينونة الإنسان الحي في الأزمنة الحديثة.
ثمة ما يبرر استعمال نقد “الاستشراق” السعيدي كوسيلة إيضاح لإنشاء ما أسماه حسن حنفي “بعلم الاستغراب”. وأعتقد أن جهداً كهذا يظل ناقصاً إذا اقتصر على دراسة وفهم ما هو الغرب، وتتجلى قيمته الحقيقية في دراسة وفهم كيف تجلى الغرب في أذهان العرب والمسلمين في الأزمنة الحديثة.
ويصعب بقدر ما أرى الأمر، على كل محاولة في اتجاه كهذا أن تتمكن من القبض على موضوعها بطريقة موضوعية من دون التفكير في التمركز العربي والإسلامي المضاد على الذات، وتأثير الإحساس بالانسحاق الحضاري والإنساني والعسكري أمام الغرب، وذهنية ونظرية المؤامرة، على العلاقة بين السلطة والمعرفة والخطاب في النسق الثقافي العربي والإسلامي على مدار قرنين من الزمن.
ألا يأخذنا هذا إلى ما يسمى بأزمة المثقف العربي تجاه قضايا البلدان العربية المصيرية؟
– لا أميل إلى تحميل تعبير المثقف أكثر مما يحتمل. في العالم العربي ثقافات لا ثقافة واحدة متجانسة، وفيه أيضاً مجتمعات متوازية حتى في المدينة الواحدة، فما أدراك بالدولة الواحدة، أو الدول ذات الخصائص المتقاربة في شمال أفريقيا، والهلال الخصيب، والجزيرة العربية. ولا تعدم كل هذه البنى الثقافية الصغيرة والفرعية والكبيرة وجود مثقفين ومنتجين ومستهلكين لثقافتها.
وعلى الرغم من حقيقة أن الثورة التكنولوجية خلقت للمرّة الأولى في التاريخ إمكانية صهر الثقافات المحلية الصغيرة في ثقافة أكبر، وعابرة للحدود السياسية، إلا أننا نتكلم هنا عن دينامية مزدوجة. فحظوظ الثقافة المدينية التي عرفتها القاهرة ودمشق وبيروت وبغداد وتونس حتى سبعينيات القرن العشرين، تبدو ضئيلة في سباق الاعمام والتوحيد والصهر، إذا ما قورنت بالثقافة الريفية والصحراوية، التي تمكنت من فرض نفسها تحت قناع الإسلام السياسي في سياق الطفرة النفطية، والزيادة الهائلة في عدد السكّان، وهجرة الريف إلى المدينة، والتحديث الاجتماعي المشوّه على يد أنظمة راديكالية تقدمية وقومية حكمها ريفيون قساة، وريّفوا حياتها السياسية والاجتماعية والثقافية.
لذلك، المثقف العربي كائناً ما كان تعريفه: العلماني، الديمقراطي، القومي، اليساري، الليبرالي، يعيش في جزر مدينية معزولة ومحاصرة، ولا تتجلى أزمته في عجز أدواته المعرفية، أو ضعف صلته بالواقع، بل في تدني وظيفته ومكانته الاجتماعية، ومصادرة دوره التقليدي من جانب الفقهاء والدعاة، وما يُسمى اليوم بالإعلاميين و”خبراء” الفضائيات، “ومفكري التلفزيون” الذين يشتغلون في خدمة أنظمة تنفق عليهم، وإلى كل هؤلاء نضيف صعود ثقافة التسلية والاستهلاك السريع على حساب الممارسة النقدية، وعداء الأنظمة القائمة، وشرائح اجتماعية واسعة، لكل ما يزعزع بداهة السائد والمألوف.
وهل هذا يعني أننا نعيش اليوم حصاد حقبة الربيع العربي؟
– الربيع العربي أنبل وأفضل ظاهرة في تاريخ العالم العربي. فلنعد بالذاكرة إلى الأيام الخالدة في ميدان التحرير، في القاهرة، وشارع الحبيب بورقيبه، في تونس، عندما وحّد ملايين المتظاهرين نداء “الشعب يريد إسقاط النظام”، وعندما تسمّر الملايين في العالم العربي، والعالم، قبالة شاشات التلفزيون، وقد وحّدهم إحساس من يراقب حدثاً من عيار تاريخي كبير، وعندما شعر ما لا يحصى من الشبّان والشابات في بلدان عربية مختلفة أن ما يرونه على الشاشة بعيونهم وتخفق له قلوبهم، يمكن أن يحدث في بلادهم، أيضاً. لم يخرج هؤلاء دفاعاً عن الشريعة، أو العروبة، أو فلسطين، أو هذه الطائفة أو تلك، بل عن “الخبز، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية”.
الثوّرة المضادة نجحت، مؤقتاً في الأقل، في احتواء الربيع العربي. وبقدر ما أرى، ثمة الكثير من أوجه الشبه بين ربيعنا، وربيع الشعوب في أوروبا العام 1848. عاشت أوروبا آنذاك سلسلة ثورات على النظام القديم، وقد هزمت كلها. كان الدفاع عن الكنيسة، والتقاليد الاجتماعية والتراتبية الطبقية الراسخة، من أسلحة الثورة المضادة، التي قادها ما عرف في حينها بالحلف المُقدّس.
واتضح بعد مائة عام أن ما تحقق في أوروبا من ديمقراطية، وحقوق إنسان، ومواطنة، وحريّات، ودساتير وبرلمانات وأحزاب، وانتخابات، يعود في أصله إلى بذور غرستها ثورات العام 1848. هذا لا يعني، بالضرورة، أن على العالم العربي أن ينتظر مائة عام قبل الحصاد، بل يعني أن البذور التي غرسها الربيع العربي، وتجلّت في مطلب “الخبز، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية” لم ولن تذهب هدراً، فربيع الشعوب عملية تاريخية معقّدة لا تسير، بالضرورة، في خط صاعد أو مستقيم.
في العام 1848 تكلّم ماركس عن شبح يحوم في أوروبا ويقض مضاجع الحكّام. وفي مطلع العام 2011 لم يكن ثمة أكثر خطورة وإثارة للذعر في صحو ونوم الطبقات الحاكمة والسائدة في العالم العربي من شبح الشعب الذي يريد إسقاط النظام. وقد استعدت جيداً بمليارات الدولارات، والسلاح، والجيوش والميليشيات، والإعلام، للقضاء عليه، إما بحرب مفتوحة على الشعب كما حدث ويحدث في سورية، وكما حاول القذافي، أو بجراحة تجميلية للنظام كما حدث في مصر وتونس. وفي كل الأحوال لم يعد الربيع العربي، بعد النقلة الافتتاحية الأولى، شأناً محلياً في هذا البلد أو ذاك، بل أصبح شأنا إقليمياً ودولياً. وما نشهده اليوم من كوارث متلاحقة يُعد من حصاد الأقلمة والتدويل.
وماذا عن الأحزاب الإسلامية، هل مهّد وجودها لظهور داعش، وهل داعش موجود بالقوة أم في الإمكان ؟
– داعش هي النتيجة الموضوعية للقطيعة التاريخية ورفض حقيقة أن ما مكّن الديني والدنيوي من التعايش، سواء على مستوى الحياة اليومية للفرد، أو المجتمعات والكيانات الحضارية، نجم على مدار قرون، عن التفاوض. ولو لم تكن ثمة قابلية كهذه لدى الطرفين لفتك أحدهما بالآخر بدلاً من محاولة التأقلم معه. وقد جرت محاولات للفتك بالديني في زمن الثورة الفرنسية، وفي العهود الأولى لثورة البلاشفة الروس.
الدنيوي أكثر مرونة لأنه نسبي ومتغيّر، أما الديني فتفرض عليه ضرورات التفاوض إكراهات يصعب حلها من دون انشقاق يتجلى في صورة إصلاح ديني، أحياناً، كما حدث في الإصلاح البروتستانتي، الذي أعقبته حروب دموية، أو في حروب أهلية كما حدث في أوّل عهود الإسلام مع الانشقاق السني ـ الشيعي الكبير. وما تلاه من انشقاقات وحروب داخل المعسكرين الكبيرين، ما زالت أصداؤها تُسمع حتى الآن. وبقدر ما يتعلّق الأمر بالنسق الثقافي والسياسي الغربي، فشل الديني في إخضاع الدنيوي في حروب القرنين السادس عشر والسابع عشر الدينية في أوروبا. ومن رحم الصراع وُلدت العلمانية الغربية. ومن رحمه، وذكرياته المريرة، وقع ما أشرنا إليه في الثورتين الفرنسية والبلشفية.
على خلفية ما تقدّم يمكن التفكير فيما كتبه الإسلامي المصري أمين هويدي في معرض التعليق على صعود الظاهرة الداعشية، التي رأى فيها ما يبرر الخوف على الإسلام نفسه. ويمكن التفكير، أيضاً، في فرضية محمد أركون، الذي لم تمد الحياة في عمره، ليشهد الظاهرة الداعشية، ولكنه افترض أن مشكلة الإسلام السياسي مع الغرب والحداثة والعالم تمثل أكبر عملية للعلمنة في تاريخه. داعش هي أعلى مراحل الإسلام السياسي، والحرب التي أشعلتها لن تتوقف، حتى بعد القضاء على التنظيم المتوّحش، في وقت قريب.
لا يتسع المجال، هنا، للاستطراد في موضوع الإسلام السياسي، لكنه كان دائماً جزءاً من لعبة الأمم. حاول العثمانيون في آخر أيام السلطنة توظيف العصبية الإسلامية كسلاح في الحرب العالمية الأولى. بالمناسبة لم يسبق لأحد من سلاطين بني عثمان أن أدى فريضة الحج. وفي الحرب الباردة كان الإسلام السياسي سلاحاً لضمان السيطرة على مصادر الطاقة، والحيلولة دون وصول الروس إلى المياه الدافئة. وتجلى التوظيف الأمثل لسلاح كهذا في آخر الحروب ضد الإمبراطورية السوفياتية في أفغانستان، وهناك وُلدت الجهادية السلفية.
وفي زمن الحرب الباردة العربية ـ العربية، في خمسينيات وستينيات، القرن الماضي كان جزءاً من سياسة واستراتيجية السعوديين لمجابهة المد الناصري والقومي. وفي العراق، مثلاً، بعد هزيمته في الكويت، تملّكت صدام حسين نوبة إيمانية، وأصبح في إمكان القومي والتقدمي السابق تبرير كل ما أصاب العراق والعراقيين على يديه من كوارث بكونه جزءاً من خطّة إلهية، ومن اعترض عليها وعليه كأنه يعترض على المشيئة الإلهية.
لذلك، يمكن تفسير ظاهرة الإسلام السياسي، بأدوات السياسة والعلم الاجتماعي، بوصفها ظاهرة نشأت من أعلى إلى أسفل، أي فرضها استثمار بعيد المدى من جانب حكّام وقوى إقليمية ودولية في مشاريع سياسية في الجوهر. هذا ما حدث في مصر مع السادات، وفي باكستان مع ضياء الحق. وقد تعزز هذا الاتجاه على نحو خاص بعد الثورة الإيرانية في العام 1979. وبهذا المعنى أحزاب وحركات الإسلام السياسي، في عالم اليوم، أغصان على شجرة واحدة، وبينها صلات نسب، وتستمد الماء من جذور مشتركة، وإن تعددت واختلفت وسائلها في العمل على أسلمة الدولة والمجتمع، وقابليتها للاحتكام إلى، أو رفض، ضرورة التعايش بين الديني والدنيوي.
وإذا كان ثمة من خلاصة، في هذا الشأن، فإن مستقبل الإسلام السياسي وثيق الصلة بمستقبل الديمقراطية والتعددية السياسية والاجتماعية والثقافية، واحترام حقوق الإنسان، في العالم العربي.
أخيراً، ما هي أوجه الشبه بين الأصولية اليهودية والأصولية الإسلامية إن وجدت؟
– الأصوليات تتشابه وبينها مشتركات كثيرة. وبقدر ما يتعلّق الأمر بالديانة اليهودية فهي تنقسم اليوم إلى ثلاث مدارس: الأرثذوكسية، والإصلاحية، والإصلاحية المحافظة. الأولى تهيمن على الحقل الديني في إسرائيل نتيجة ما عرف باتفاق الأمر الواقع بين بن غوريون والأحزاب الدينية في العام 1947. وفي بيئتها الحاضنة تزاوجت الأصولية التقليدية والاتجاهات القومية المتطرفة، وهي تجد وسيلة لتفريغ ما فيها من شحنة العنف في الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي التنكيل بالفلسطينيين. ويبقى طموحها الرئيس الاستيلاء على الدولة، والهيمنة على المجتمع، لفرض الشريعة (الهالاخاه) حتى وإن استدعى الأمر استعمال العنف والإرهاب ونشوب حرب أهلية.
وإذا كان ثمة من فرق بين الأصوليتين اليهودية والإسلامية فيمكن العثور عليه في حقيقة أن اليهودية عاشت على مدى عشرين قرناً من الزمان من دون مجابهة ضرورات عملية تستدعي التفكير في أسئلة من نوع الدولة، والنظام السياسي، والمجتمع، والقانون والتشريع، في دولة يهودية خالصة.
فعلى مدار الفترة المعنية عاش اليهود كطوائف دينية في ظل إمبراطوريات وممالك ودول في مشارق الغرب ومغاربها، ولم تكن قضية الدولة شغلهم الشاغل في الحقل الديني، ولكن وجود دولة يهودية منذ ستة عقود فرض أسئلة كهذه. كانت المدرستان الإصلاحية والإصلاحية المحافظة انشقاقاً عن اليهودية الأرثذوكسية، وتعبيراً عن بلورة آليات للتفاوض بين الديني والدنيوي في الأزمنة الحديثة، وكلتاهما تحظى بمكانة دنيا ولا يُعتد بها في سلّم التراتبية الدينية، والهيمنة على الحقل الديني، في إسرائيل.
أما الأصولية الإسلامية فتعتمد على ميراث يغطي قروناً من الزمن في موضوع الدولة، والنظام السياسي، والمجتمع، والقانون والتشريع، في دولة إسلامية خالصة. وعلى الجانب الآخر تغطي علاقتها الإشكالية بالأزمنة الحديثة قرابة قرنين من الزمن. وإذا كانت تشترك مع الأصولية اليهودية في العداء للدولة الحديثة، فهي تختلف عنها في كون الأولى لا تعاني من توتر العلاقة بين الهويتين الدينية والقومية (كلتاهما واحدة في اليهودية)، في حين يمثّل القومي في أيديولوجيا الأصولية الإسلامية مصدراً دائماً للتوتر، خاصة في ظل الدولة/الأمة، التي نشأت في القرنين السابقين على يد الحركات القومية في أربعة أركان الأرض.
بيد أن أهم أوجه الاختلاف، بالمعنى السياسي، تتجلى في حقيقة أن تاريخ نشوء الأصولية الإسلامية، وتطورها، وتحوّلاتها، كان جزءاً من لعبة الأمم، وإشكاليات الهيمنة الكولونيالية، وبناء الدولة الوطنية، والتحديث والتنمية بعد الاستقلال، ووقوع دولة ما بعد الاستقلال في قبضة أنظمة دكتاتورية، في حين لم يشهد مشروع إنشاء إسرائيل محاولات من جانب قوى في الإقليم والعالم للعب بورقة الديانة اليهودية، لم تصبح جزءاً من لعبة الأمم، وكان اليهود الصهاينة قبل إنشاء الدولة، وبعدها، هم الطرف الوحيد الذي تلاعب بها. ومع ذلك، في الأصولية اليهودية كل ما يؤهلها لإنجاب دواعشها، وخطر هؤلاء على اليهود والإسرائيليين والعالم يماثل خطر الدواعش الإسلاميين على العرب والمسلمين والعالم، وإن كنّا لا نعرف كيف ومتى.
أذكر، في هذا الصدد، نبوءة سوداء سمعتها من إسرائيل شاحاك، الذي كان أحد أبرز نقّاد الديانة اليهودية في إسرائيل. قال في إشارة إلى الأصوليين اليهود: لن يتورع هؤلاء عن استعمال القنابل النووية لتصفية الحساب لا مع الفلسطينيين والعرب وحسب ولكن مع العالم، أيضاً. نبوءة سوداء، نرجو ألا تتحقق. ولكن إذا تدهور الصراع في هذا الجزء من العالم إلى صراع بين أصوليات، فليس من الحكمة تجاهل حتى أكثر التوقّعات سوداوية.

السبت، 2 يوليو 2016

فتاة أردنية تنتحر وتترك رسالة تهز العالم...

فتاة أردنية تنتحر وتترك رسالة تهز العالم...

أقدمت فتاة أردنية شابة تدعى ميساء شاروف تبلغ من العمر 18 عاماً على الانتحار بعد أن تعرضت للضرب المبرح من قبل شقيقها، وذلك إثر معرفته بأنها تقدم على تدخين السجائر.
ميساء والتي قبل أن تنتحر تركت رسالة عبّرت فيها عن معاناتها كتبتها بطريقة مؤثرة هزّت العالم انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيها:
أمرّر أناملي على وجهي، أتذكر وجهي؟ طلما قلت لي أنّه جميل، هادئ ومضيء كنجمة ليليّة بعيدة. لكنّني الآن أراه قبيحاً، قبيحاً بشكل فظيع.
آثار الكدمات الزرقاء والأرجوانية أحيانا تغطي كامل جسدي، بالأمس أشبعني أخي ضرباً لأنه اكتشف أنني أدخّن، كلّ كدَمة تذكرني بنفس من الدخان اللذيذ الذي ملأ خلايا دماغي، ضربني شقيقي الذي يستهلك علبتين من السجائر يوميّاً.
انحدر يدي نحو ثنايا جسدي المنهك، أتلمّس الزوايا المنتفخة.. أتعلم؟ هذا العالم بائس، ويجعل منّا بؤساء كلّ يوم، هذا العالم عبارة عن عملية تحيّل كبيرة، قام بها الله، أو لا أعلم من قام بها حقيقة، كي يوهمننا أنّنا أحياء. وكي نتخبّط لسنوات طويلة، سائرين بخطى حثيثة نحو الموت.
الموت، تلك الكلمة الكبيرة، كم يغريني الموت لو تعلم، ويدفعني كلّ يوم نحوه، حين أكتشف أننا لا نحيا، بل نحن في انتظار الموت الذي نخافه، و لكن لا نتوقف عن ذكره في نفس الوقت: نحن نشاهد الموت في الأخبار، نتحدث عنه في المقاهي و البرامج التلفزيونية والدينية والترفيهية، نلبسه في أدبشتنا، بل نحتفي في العيد بذبح حيوان مسالم.نحن، يا صديقي، حتى في أوقات الحب الجنوني ، نهتف ' نموت عليك!'
لا أعلم إن كان الله على حق حين خلقني، ثم جعلني وسط هؤلاء النّاس، الجميع ينظر إلي شزراً حين أمشي في الشارع، أتحوّل لقحبة لمجرّد أنني أرفض أن أتصرف كامرأة/ عبد : تعود من المعهد كي تطبخ وتنظف وترتب أدباش أخبيها وأبيها ثم تجلس كي تتحدث عن الزواج والعفّة والشرف والزوج المستقبلي. هل كان الله على دراية بأن مملكته التي نصبها على الأرض يتتحوّل الى مذبحة يوميّة؟ عل تعمّد جعل الشرق الذي كان فيه جميع أنبياءه، مقبرة للنساء؟ لمَ يجرّنا جرّا نحو الموت، تلك الآلهة التي تنافسه سطوةً، واغراءً، وخلقا من جديد؟
من أخبرك أن الموت أمر سيئ؟ هل الحياة ، بالمقابل، أمر جيّد؟ هل تسمي الاختناق اليومي، وتلك الأيادي التي تمتد كلّ يوم كي تعبث بك، حياةً؟ أنا آسف لحالنا فعلاً، أنا ككل امرأة في الشرق، لا أجيد الدفاع عن نفسي، أكير كل يوم وامتلأ حقداً على اللاعدلة التتي تتكدّس هنا، على الهرسلة التي تعذبنا، نحن النساء، كل يوم، على لفظة ' العاهرة' التي تتربص بنا في كل زاوية، دون أن نفلح شيئاً أمام جبروت هذا المجتمع، نحن نموت كل يوم مرّات، حين نحسّ بالعجز .
أنا لم أعد أطيق الموت، أريد أن أولد، ان اخلق نفسي من ممرات جديدة/ مخيفة، هذا العالم -يا صديقي- لم يعد يتسع لي، أريد جنانا فسيحة وسحابات أحلم فوقها، أريد أن أحيا.
سيأخذني هذا الحبل بعيداً بعيداً،هذا الحبل الطري سيخنقني بوطأة أقل بكثير مما أختنق كل يوم.
ستجدني بجانبك أن احتجتني، فلا تحزن يا صديقي، واتبعني أن شئت).

الثلاثاء، 28 يونيو 2016

من تاريخ الاسلام -- للدكتور : سيد القمني

تاريخ الإسلام ..
الدكتور سيد القمني :
لكي لا يخدعنا بعضهم: هل كان تاريخنا ماضيا سعيدا؟
...
معاوية بن أبي سفيان وولده يزيد لم يمنعهما إسلامهما من قتال آل بيت الرسول وجز رأس الحسين، الحجاج بن يوسف الثقفي اعدم من العراقيين مئة وعشرين ألفا واستباح نساء المسلمين ,العباسيون قتلوا خمسين ألفا من أهل دمشق وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم...
هل كان ممكناً أن ترتج أجهزة الدولة كلها مستجيبة لاستغاثة مواطن يعاني القهر والظلم في بلاد المسلمين على يد المسلمين، في الإمبراطورية الإسلامية العظمى الغابرة، كما ارتجت وتحركت بعدّتها وجيوشها في القصة الأسطورية استجابةً لصرخة امرأة مجهولة منكورة لا نعرف من هي، وهي تنادي الخليفة من على الحدود عندما اعتدى عليها بعض الروم: "وامعتصماه"؟!.
إن هذا النموذج من القصص يريد أن يعلن مدى اهتمام الدولة جميعها بمواطنٍ فردٍ يعاني أزمة، وهو ما يستثير الخيال العربي المقموع ويدفعه إلى محاولة استعادة هذه الدولة الأبية التي كانت تردع الأعادي بكل فخرٍ ومجدٍ كما كانت تنشغل بالمواطن الفرد كل الانشغال، حتى بات عزيزاً كريماً مرهوب الجانب أينما كان. لكن بين القص الأسطوري وبين ما كان يحدث في الواقع مفارقات لا تلتئم أبداً، ولا تلتقي أبدا. والنماذج على ذلك أكثر من أن تحصيها مقالة كهذي، بل تحتاج إلى مجلدات من الكتب. لكن يكفينا هنا اليسير منها لنكتشف هل كانت ثقافة "وامعتصماه" أمراً حقيقياً فاعلاً في الواقع أم أنها مجرد قصة لرفع الشعارات دون الفعل وليس أكثر، كالعادة العربية المعلومة! خاصة أن هذه الدولة العزيزة بمواطنها الكريم هي الدولة النموذج التي يطلبها اليوم المتأسلمون على كافة فصائلهم وأطيافهم، ويزينونها للناظرين بقصٍّ كهذا عادة ما يبدأ بمسئولية الخليفة الراشد وهو في يثرب عن دابة لو عثرت بالعراق.
وينتهي بالحفل البانورامي حول احتلال "عمّورية" انتقاماً للفرد العربي الأبي حتى لو كان امرأة! مع علمنا بحال المرأة قياساً على الرجل في تراثنا.
لقد صرخت القبائل العربية في الجزيرة منذ فجر الخلافة "وإسلاماه" تستغيث بالمسلمين لردع جيوش الدولة عن ذبحها وسبي حريمها وأطفالها لبيعهم في أسواق النخاسة، تلك القبائل التي تمسكت بحقها الذي أعطاه لها ربها بالقرآن في الشورى والمشاركة الفاعلة في العمل السياسي. فرفضت خلافة أبي بكر"الفلتة" بتعبير عمر بن الخطاب لأنها تمت بدون مشورتهم ولا ترشيح احد منهم ولا أخذ رأيهم، فامتنعوا عن أداء ضريبة المال للعاصمة تعبيراً عن موقفهم، لكنهم عملوا برأي الإسلام فجمعوا الزكاة ووزعوها على فقرائهم في مضاربهم التزاماً بهذا الركن الإسلامي بجوار صلاتهم وصيامهم وقيامهم بقية الأركان المطلوبة. فلم يعفها ذلك من جزِّ الرقاب والحصد بالسيف. والصراع هنا لم يكن حول الإيمان والكفر، بل كان الشأن شان سياسة دنيوية لا علاقة لها بالدين.
ورغم الجميع فقد تواطأ السَّدنة مع السلطان ضد تلك القبائل ليؤسسوا في التاريخ المذهب السنِّي الذي وجد فرصته في مكان سيادي بجوار الحاكم، فقام بتحويل الخلاف السياسي إلى خلاف ديني، واعتبر أن محاربة هؤلاء واجب ديني لأنهم قد كفروا وارتدوا عن الإسلام لا لشيءٍ، إلا لأن هكذا كان قرار الخليفة؛ ولأن هذا الخليفة كان "الصدِّيق" صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وصهره ووزيره الأول. فالبسوا الخليفة أولاً ثوب القدسية ولو ضد منطق الإسلام الذي لا يقدس بشراً، ثم البسوا القرار قدسية الخليفة، ثم أصدروا قرارهم بتكفير هذه القبائل بتهمة الردة عن الإسلام لأنها حسب القرار البكري قد "فرَّقت بين الصلاة وبين الزكاة"، وهو أمرٌ فيه نظر من وجهة نظر الشرع لا تبيح قتالهم ولا قتلهم. لذلك تم تدعيم القرار بأن تلك القبائل قد خرجت على رأي الجماعة وخالفته وهو اختراع آخر كان كفيلاً بوصمها بالارتداد منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
وهكذا، ومنذ فجر الخلافة جلس الفقيه في معية السلطان يصوغان لنا إسلامنا، إسلام يؤسلم ويكفّر حسب مدى التزام المواطن بالمذهب السيد الذي هو مذهب السدنة والسلطان وأولي الأمر، وطاعتهم أمر رباني وفرض سماوي. ومنذ خرجت جيوش أبي بكر تحارب تاركي الزكاة تحت اسم الدين والصواب الديني، أصبح معنى أن تخرج جيوش المسلمين لتحارب الكفار "غير حروب الفتوحات". إنها خارجة للقضاء على المعترضين أو المخالفين في الرأي السياسي الذي تتم إحالته إلى الدين، حتى يتم الذبح والحرق والسبي باسم الدين وليس لخلاف سياسي.
ونظرة عجلى على تاريخ العرب المسلمين ستكتشف أن مقابل "وامعتصماه" الأسطورية، ألف "وإسلاماه" كان جوابها مختلفا. وبلغ الأمر غاية وضوحه في زمن عثمان بن عفان الذي فتق بطن عمّار بن ياسر ضرباً وركلاً، وكسر أضلاع إبن مسعود حِبِّ رسول الله، ونفى أبا ذر إلى الربذة، فقتل المسلمون خليفتهم، وتم قتله بيد صحابة وأبناء صحابة. ومن بعدها خرجت الفرق الإسلامية تحارب بعضها بعضا وتكفّر بعضها بعضا، حتى مات حول جمل عائشة خمسة عشر ألف مسلم، ومن بعدهم مائة ألف وعشرة من المسلمين في صفّين، لا تعلم من فيهم من يمكن أن نصفه بالشهيد ومن فيهم من يمكن أن نصفه بالظالم المفتري!
أما عن زمن معاوية وولده يزيد فحدث ولا حرج عما جرى لآل بيت الرسول، وكيف تم جز رأس الحسين لترسل إلى العاصمة، وكيف تم غرس رأس زيد بن علي في رمح ثم غرسه بدوره فوق قبر جده رسول الله!. وإن ينسى المسلمون السُّنة، فإنَّ بقية الفرق لا تنسى هذه الأحداث الجسام التي فرَّقتْ المسلمين فرقاً وشيعاً، كلها تمسَّحتْ بالدين وكان الشأن شأن سياسة ودنيا وسلطان.
وإن ينسى المسلمون أو يتناسوا فان التاريخ يقرع أسماعنا بجملة مسلم بن عقبة المري لتأديب مدينة رسول الله "يثرب" ومن فيها من الصحابة والتابعين بأمر الخليفة القرشي يزيد بن معاوية. فقتل من قتل في وقعة الحرة التي هي من كبرى مخازينا التاريخية، إذ استباح الجيش نساء المدينة أياما ثلاثة حبلت فيها ألف عذراءٍ من سفاح واغتصاب علني وهن المسلمات الصحابيات وبنات الصحابة والصحابيات.
أما زياد بن أبيه، والي الأمويين على إقليم العراق، فقد شرَّع القتل بالظنة والشبهة حتى لو مات الأبرياء إخافة للمذنب، وشرَّع قتل النساء. أما نائبه الصحابي "سمرة بن جندب" فان يديه قد تلوثتا فقط بدماء ثمانية آلاف من أهل العراق على الظن والشبهة، بل اتخذ تطبيق الحدود الإسلامية شكلاً ساخراً يعبر عن تحكم القوة لا حكم الدين، كما في حال "المسود بن مخرمة" الذي نددَّ بشرب الخليفة للخمر، فأمر الخليفة بإقامة الحد إحقاقاً للشرع لكن على المسود بن مخرمة.
ثم لا تندهش لأفاعيل السلطة وشهوتها في التقوى والأتقياء. فهذا الملقب بـ"حمامة المسجد" عبد الملك بن مروان لكثرة مكوثه في المسجد وطول قراءاته للقران وتهجده ليل نهار، يأتيه خبر أنه قد أصبح الخليفة فيغلق القران ويقول له: "هذا آخر العهد بك"، ثم يقف في الناس خطيباً فيقول:"والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا وإلا ضربتُ عنقه".
ولابد أن يجد الحجاج بن يوسف الثقفي هنا ولو إشارة؛ لأنه كان المشير على الخليفة؛ ولأنه من قام على إصدار النسخة الأخيرة من القرآن بعد أن عكف مع علماء الأمة على تصويب الإصدار العثماني وتشكيله وتنقيطه بإشراف شخصي دائم منه، ولم يثبت عليه حب الخمر أو اللهو. لكنه كان أيضا هو الرجل الذي ولغ في دماء المسلمين، وكانت مخالفته في أهون الشئون تعني قص الرقبة، فهو الذي قال:"والله لا آمر أحدا أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الذي يليه إلا ضربت عنقه". وهو أحد خمسة ذكرهم عمر بن عبد العزيز قبل خلافته في قوله: "الحجاج بالعراق والوليد بالشام وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة، اللهم قد امتلأت الدنيا ظلما وجورا".
وقد سار الحجاج على سنَّة سلفه زياد في إعدام النساء والقبض على أهل المطلوب حتى يسلم نفسه، ومنع التجمهر، وإنزال الجنود في بيوت الناس ووسط العائلات يلغون في الشرف كيفما شاءوا إذلالاً للناس وكسرا لإنسانيتهم، حتى انه أعدم من العراقيين في عشرين سنة هي مدة ولايته مائة وعشرين ألفا من الناس بقطع الرأس بالسيف أو الذبح من القفا أو الرقبة، دون أن نعرف من هم هؤلاء الناس ولماذا ذبحوا اللهم إلا على الاحتجاج على ضياع كرامة الإنسان، أو لمجرد الشبهة والظن.
وقد وجد هؤلاء السادة في الذبح والحرق لذة وسعادة، بل فكاهة دموية. ففي فتوح جرجان سال أهل مدينة طمسية قائد المسلمين سعيد بن العاص بن عم الخليفة القائم عثمان بن عفان الأمان، مقابل استسلامهم على ألا يقتل منهم رجلاً واحداً، ووافق القائد سعيد ففتحوا له حصونهم فقرر الرجل أن يمزح ويلهو ويضحك، فقتلهم جميعا إلا رجل واحد!
وعندما وصل العباسيون إلى السلطة بدأوا حملة تطهير واسعة شملت من مواطني دمشق خمسين ألفا تم ذبحهم، وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم. ولما استقام لهم الأمر استمروا على النهج الأموي في ظلم العباد وقهر آدمية الإنسان، وهو ما كان يدفع إلى ثورات، تنتهي بشي الثوار على نيران هادئة، أو بمواجهتهم للضواري في احتفالات رومانية الطابع.
وهكذا كان الإنسان سواءً مواطناً عادياً كان، أم كان في جيوش السلطان، في مقتطفات سريعة موجزة مكثفة من تاريخنا السعيد وزماننا الذهبي الذي يريد الدكتور محمد عمارة استعادته، لماذا؟ يقول لنا تحت عنوان "مميزات الدولة الإسلامية"، إن الشريعة الإسلامية فيها "تفوقت على غيرها من كل الشرائع والحضارات والقوانين الدولية، في أنها جعلت القتال والحرب استثناء مكروها لا يلجا إليه المسلمون إلا للضرورة القصوى". لذلك يرى الدكتور عمارة: "أن الدولة الإسلامية لم تخرج عن هذا المنهاج السلمي، حتى تضمن الدولة للمؤمنين حرية العيش الآمن في الأوطان التي يعيشون فيها"- مقالاته الحروب الدينية والأديان السماوية 7،8".
لكن ماذا عند سيادة الدكتور ليقوله بشان تلك الجسام الجلل في تاريخ ما يسميه الدولة الإسلامية؟!.
هذه دولتهم الإسلامية التي يريدون استعادتها لإقامة الخلافة مرة أخرى ل"تحرير" فلسطين والعراق وإعادة الإمبراطورية القوية مرة أخرى. لقد كان زمنا ذهبيا بكل المعاني الذهبية بالنسبة للسادة الفاتحين الغزاة الحاكمين وحواشيهم من سدنة الدين وتجار البشرية، لكنه كان زمانا تعسا بائسا دمويا بالنسبة للمحكومين المغزوين المفتوحين...!!

الخميس، 23 يونيو 2016

حماس ولعبة التحالفات !!!

هناك فرق بين أن تكون دوجماتيا ، أو أن تكون جدليا ، ديناميكيا ً .
فالأفكار المعتقدية لها وجهان : وجه دوجماتي ، نصوصي ، يقدس النص السلفي دون مراعاة للسمات الخاصة بالموقع الجيوسياسي والديمغرافي والهدف المطروح ، وعلاقة الشعار التكتيكي بالاستراتيجي . كل هذا لا يستطيع أن يدركة الدوجماتي .
ووجه جدلي ، دينامي ، يستطيع استلهام المستقبل من معطيات الواقع ومدى علاقة المتضادات مع بعضها وعناصر القوة والضعف وأبعادها المستقبلية ، وأثر ذلك على الأهداف الاستراتيجية ، ومدى المساحة الممكنة في التلاعب بالهدف والشعار التكتيكي .
 ونجد أن الكثير من الأحزاب السياسية اليسارية والدينية تقع في مشكلة عدم القدرة على التخلص من الدوجماتية والديناميكية في طرح الشعار وفي ترسيم التحالفات التي تساعد على التسريع في انجاز الأهداف وصولا الى الهدف الاستراتيجي المرجو . 
وبالنظر الى الكثير من أحزاب الاسلام السياسي نجد أنها غرقت في لجاجة النصوص فتداخلت لديها العقائد ووقعت تحت تأثير النصوص وتجاهلت الواقع ، فوقعت في لجاجة لتحالفات مشبوهة وطنيا ، فوقفت في الكثير من المواقف ضد نفسها .
 والان نرى حماس التي هي فرع فلسطيني ، نرى أنها لا زالت تعيش هذه اللجاجة فنسمع نائب رئيس مكتبها السياسي يقول : أن إسرائيل باتت وكأنها ضمن "تحالف سُني عربي"، ونسأل : أين حماس من هذا التحالف ؟
 ونقول : بدري عليكم ، الآن صحوتم !!
هل تعلم حماس أن اسرائيل في تحالف سني سلطوي غير مكتوب منذ نشأتها ؟؟؟؟
- فأنظمة الحكم العربية الملكية كانت ولا زالت تقف على نفس الأرضية السياسية والاقتصادية مع اسرائيل في تحالفاتها أثناء الحرب الباردة ، وحتى يومنا هذا !!
- والسؤال : أين كان يقف الاخوان المسلمون طوال ستة عقود أدخلت مشكلة فلسطين في دهاليز تحالفات أعدائها .
- أين كان يقف الاخوان المسلمون طوال تلك الحقبة الزمنية بدءا من تحالفاتهم ضد الحركة الثورية التي كان يقودها " جمال عبد الناصر " في صراعه ضد اسرائيل وصراعه ضد الرجعية العربية وصراعه ضد المخلفات الملكية والاقطاعية في داخل مصر ؟؟؟.
- أين كان يقف الاخوان المسلمون وما هي تحالفاتهم أثناء الحرب في أفغانستان ؟؟
- ما هو موقف الاخوان المسلمين الآن ؟
اننا لا نستطيع أن نلمس موقفا واضحا لهم ، لماذا ؟ انهم يعيشون في لجاجة من أمرهم ، فالتحالفات التي أفرزتها الأزمة في سوريا أخذت تتمظهر تمظهرا طائفيا !!
-- وحماس لم تستطع أن تشتم هذا التمظر في التحالفات ، وهي الفلسطينية ، وهي المقاومة !!! فهي تريد الدعم من الأشقاء العرب ، ومن محور المقاومة - ايران !! فكيف هذا ؟؟
فحماس سنية ، وهي خجلى من الاقتراب من التحالف السني ، وخجلى من موقفها من نظام الحكم في سوريا ..
السياسة مهارة في التحالف ، مهارة في ربط القواسم المشتركة مع الآخرين من أجل تحقيق الأهداف !! فكيف تربط حماس بين تحالفات متضادة ، التحالف السني بقيادة السعودية ومصر والامارات والسلطة الفلسطينية ، وضمنيا يشمل اسرائيل ، وفي الجانب الآخر تحالف محور يرفع شعار " المقاومة " ؟؟ كيف ؟؟
-- والآن نقول : بدري عليكي يا حركة المقاومة الاسلامية ، يا حماس !! بدري أن تعرفي هذا الآن !! فمنذ ستة عقود والتحالفات العربية والسنية الرسمية كانت تقف ضمنيا ضد شعب فلسطين وطموحاته في التحرر والاستقلال . وخلال ستة عقود والاخوان المسلمون يقفون في تحالف ضمني مع الدول التي تقف على نفس الأرضية التحالفية مع اسرائيل وحلفاء اسرائيل !!
فهل تستطيعي أن تفرزي نفسك عنها الآن ؟ فالتحالفان : أحدهما ، عربي ، سني ويقف ضمنيا مع اسرائيل ، والآخر : محور ايران وشيعة العراق ونظام الحكم في سوريا وحزب الله اللبناني ، وهذا يرفع شعار المقاومة ولكنه يقف ضد طموحات شعب سوريا في التحرر والديمقراطية ؟؟
 ولكن لماذا تطرح حماس هذا التساؤل الآن ؟ لأن حماس تريد أن تجس النبض داخليا وخارجيا  حتى تمهد الطريق للانزلاق الى جانب أحد التحالفات ، ويبدو أنه الى جانب التحالف الايراني . فهناك علامات وتصريحات من قادة حماس حول دعم ايران  المتواصل للمقاومة وحماس .
-- الآن : تعيش حماس حالة من الشطط السياسي والاداري وشطط في تحديد المواقف !! فالحرفية الحزبية هي المسيطرة على مواقفها في علاقتها مع الآخر الخارجي والداخلي . فهي تعيش حالة من الارتباك الاقتصادي والعلاقاتي مع الجميع ، مع مصر ومع السلطة ومع ايران ومع السعودية ومع الامارات .. وفوق كل هذا هناك ارتباك في العلاقة مع غزة وسكانها ، فهي تفرض الضرائب بالألوان ليس على الحاجات الثانوية ، بل على الحاجات الأساسية للشعب ، وهذا يزيد تبعات الحصار ، ويخدش القدرة عل الصمود واجتراع شعار المقاومة !! ومن مظاهر الشطط العلاقاتي أنها لم تستطع أن تتقدم الخطوات المطلوبة لإنهاء الانقسام وتخفيف الحصار .
فإلى متى هذا ؟ والى متى سيبقى شعب غزة يعيش تبعات اللجاجة التي تعيشها حماس ؟ والى متى سيظل شعب غزة يعاني من عدم قدرة حماس على تجرع الواقع والتقدم بخطوات ملموسة لحل مشكلة العلاقة مع الشقيقة مصر وفتح المعابر وتخفيف الحصار ؟؟


ماهي الدولة ؟؟هل للدولة دين ؟

لا تزال هناك صعوبات في تعريف الدولة , فالدولة مشتقة من كلمة STATUS أي حالة أو وضع , لذلك تعددت التعريفات الغير متفق على جزئياتها من قبل الجم...