الجمعة، 3 أبريل 2020

= نحن ومارتن لوثر ....

نحن ومارتن لوثر
لمن لا يعرفون القس الألماني مارتن لوثر المولود عام 1483 والمتوفي عام 1546 والذي ثار على هيمنة الكنيسة الكاثوليكية وانشأ مذهبا جديدا سمي بالبروتستنت، أي المحتجين، رافضا القيم والآفكار المتوارثة لدى الكنيسة الكاثوليكية , وخاصة حينما اصدرت صكوك الغفران، مما جعله يفجر كل افكاره ومعتقداته الكامنة على شكل نقاط عددها 95 موضوعا دينيا، وقام بتعليقها على باب كنيسة الرُسُل، ومن الغريب حقا ان ما ثار عليه هذا القس، هو ما يجب ان نثور عليه نحن المسلمين، من خلال الفهم التالي:-
1- يعتبر مارتن لوثر ان مغفرة الله تتأتى من حب الله للفرد، وهذا ناتج من حب الإنسان لله، وهذه عقيدة الحب في المسيحية، ولا يرى انها تتأتى من خلال المظهريات الدينية، وهو يقصد بذلك شراء صكوك الغفران، وكذلك العقاب الجسماني للمخطئين او المهرطقين فهذا العقاب المادي لا يجعل منهم مؤمنين ولن يغفر الله لهم بهذه الأعمال، لأنه لن يحبهم، وهذا الجانب الذي كانت تمارسه الكنيسة، هو ما تمارسه المؤسسات الدينية في الدول العربية والإسلامية، من التأكيد على المظاهر الخادعة مثل ارتداء الزي التقليدي لرجال الدين وتربية اللحية والطاقية او العمامة والدشداشة القصيرة والسواك والخمار والحجاب، وممارسة القصاص بالقتل والجلد والرجم وغيرها، لأسباب بسيطة، اواسباب ملفقة كالزندقة والردة وسب الصحابة، ذلك ان ما يمارسونه من عقاب يكون حسب ما افتى به السلف، بدون التفكر والتمعن، ودون ان يقوموا بدراسة المشكلة وتجفيف منابعها والقضاء عليها ، وهم بذلك يتقربون من الله بهذه العقوبات الجائرة، ويرتكبون باسم الله كل الجرائم.
2- بعد نشره للقضايا الخمس والتسعين ، امر البابا بالرد عليها من قبل مختصين ،( وهذا السلوك وثقافة المناقشة ليست موجودة عندنا نحن المسلمين، وليته يوجد قبل تكفير الناس وقتلهم) لكن هذا لم يفلح برد مارتن لوثر عن افكاره، فطلب البابا جلسة استماع لمارتن لوثر في مدينة اوغسبورغ، مع ضمان سلامته من حاكم المدينة ،( وهذا التصرف ليس موجودا عندنا) وتحول الاستماع إلى مناقشة حادة، لكن البابا ليون اعاد الإستماع إليه مرة اخرى عام1519 امام القاصد الرسولي لسكسونيا ولم يفلحوا أيضا، مما حدا بالبابا لطرده من الكنيسة واعتباره مهرطقا ( بالطبع لم يعدم على انه زنديق) واخيرا تمت محاكمته امام لجنة من القضاة يرأسها الامبراطور فريدرك الثالث، وحكم عليه بالسجن وعلى من يتبعه.
3- في سجن القلعة قام بترجمة الانجيل من اللاتينية إلى الألمانية، وقام بتأليف كتب ركز فيها على الإيمان الخالص، وفحوى فلسفته ان ابن أدم خطّاء، لذلك لا يمكنه ان يعمل عملا صالحا بغير الإيمان بالله، لذلك فإن الله يجزي بقدر الإيمان لا بقدر العمل الصالح. لأن العمل الصالح يمكن ان يفعله أي شخص بدون الإيمان.
4- لاحظ ان القساوسة في الكنائس لا يعطون الدروس المفيدة المعمقة للإيمان، لذلك الف كتبا ليكون مرجعا للمواعظ، لكي تؤدي هدفا واضحا لإقامة وعي ديني عند الآباء والقساوسة وبالتالي عند الشباب.
5- كان السلطان العثماني سليمان القانوني في ذلك الوقت يدق ابواب فينا، وكان مارتن لوثر يرى في المسلمين وباءً، سَلطَهُ الله على المسيحيين، لكنه أبى ان تشن حرب على اسس دينية، وقرأ القرآن بالاتينية، ووصفه بأداة الشيطان، لكنه لم يستنكر تداوله في اوروبا، وقال ( دعوا الأتراك يؤمنون ويعيشون كما يشاؤون)
6- قام بتفسير الكتاب المقدس ،ورأى من حق كل انسان ان يفسره، لا يحتكر تفسيره أحد، حينما وجد ان الكثير من التفسيرات غير صائبة.
7- عارض السلطة الكهانوتية على انها سلطة مقدسة، وأنهم ليسوا جميعا على مستوى واحد من قوة الإيمان والسلوك القويم.
8- كتب 60 الف مقال عن اليهود واعتبرهم انسان الشيطان، ودعا إلى حرق كنسهم ومصادرة ممتكاتهم
وبعد هذا العرض الموجز جدا ، للقضايا الشائكة التي كانت تتسم يالقداسة البابوية ، ورأى ان البابا ذاته هو مصدر كل هذه الأزمات، بما يمارس من مظهريات الإيمان، وازمة السلطة البابوية مع الملوك وألأمراء ،واستغلال صكوك الغفران لبناء كنيسة القديس بولس في الفاتيكان، وقدسية التفاسير المأثورة التي ابتعدت عن صلب للإيمان، ورفضه للحروب الدينية ، مسخّفا ما يقال في قداس الأحد وغيرها،
يمكننا ان نستنتج الأمور التالية:-
أ‌- الستم معي بان مشكلات الكنيسة التي تصدى لها مارتن لوثر في المانيا هي نفس المشكلات الدينية لدينا النابعة من سلطة الشيوخ، التي تريد ان تصادر كل الاختصاصات من اصحابها في مجال السياسة والاقتصاد والتعليم والقضاء والعلوم، بما تملكه من افكار سطحية، وتحجر على اي مخالف وتكفره مهما كانت القضية جزئية، اعتمادا على تقديس ما قاله السلف.
ب‌- الستم ترون ان الحروب الدينية في العراق واليمن وسوريا ، هي ما رفضها مارتن لوثر رغم عدائه للإسلام، انه انسان اولاً، قبل ان يكون قسا ينافح من اجل الدين.
ت‌- حدثت في زمنه حرب الفلاحين، بسبب افكاره التنويرية والعقلانية، التي لم تتفق مع الإقطاعيين وممتلكات الكنيسة ، ولكن سبب الحروب الأهلية عندنا هو تخلف الفكر الديني ،وسعيه ان يجعلنا معه في العصور الأولى للإسلام .
ث‌- تزوج وعمره اربعون سنة معلنا انه لا يوجد نص مقدس على عدم زواج رجال الدين، وهومبدأ نحتاجه لفحص كثير من افكارنا وعاداتنا، لنكتشف ايها المنصوص عليه في القرأن وأيها من اراء الفقهاء والمحدثين.
ج‌- كان متقشفا زاهدا، وهو بعكس نجوم الدعاة كعمر خالد والعريفي ومحمد حسان وغبرهم، الذين اصبحوا اصحاب ملايين بسبب ندواتهم المدفوعة الأجر والأشرطة والسيديهات ، وما يقبضونه من ملايين بدل تأيدهم لبعض السياسات او المنظمات، والترويج لبعض الأفكار التي تبعد الأذهان عن المشكلات التي يعاني منها المجتمع، إلى الترويج لأحلام المتعة في الجنة.
ح‌- ليتهم يصلحون عندنا منهج خطب الجمعة، كما فعل مارتن لوثر، ولا يتركونا لشيوخ جهلة بفترضون مشكلات وهمية، وبمارسون علينا استاذية تسيء للدين بل تسيء للمسلمين، وتجعل كثيرا من المصلين يحاولون التأخر عن الخطبة، كي لا يصيبهم رذاذ شتائمهم.
خ‌- لقد ترك ارثا هائلا من الكتابات التنويرية والرؤية الجديدة لواقع اوروبا اسهمت في عصر النهضة، بينما شيوخنا، ممن يصنفون بالنقليين، اي ينقلون عن السلف دون مراجعة اومنافشة، اذ يعتقدون ان اي كتاب في الدين هو صحيح بالضرورة، بمعنى انهم لم يضيفوا اي شيء إلى ثقافة العصر، بل يعرقلون ألسعي إلى التجديد والتغيير والعصرنة.
= الكاتب / سعادة أبو اعراق 

ماهي الدولة ؟؟هل للدولة دين ؟

لا تزال هناك صعوبات في تعريف الدولة , فالدولة مشتقة من كلمة STATUS أي حالة أو وضع , لذلك تعددت التعريفات الغير متفق على جزئياتها من قبل الجم...