الجمعة، 9 نوفمبر 2018

متى يمكن للعلماء أن يؤمنوا بالآلهه ؟



= في محيطنا العربي يجري الخلط بين علماء العلم التجريبي، وفقهاء الأحكام المستوحاة من النصوص الدينية !!  فنرى دمجاً بين العلماء الذين يعتمدون المنهجية العلمية التي تنطلق من الملاحظة وصولاً الى التجريب واستنتاج القوانين العلمية ، وبين فقهاء الدين الذين جل همهم التفتيش في بطون الكتب الدينية واستخراج الأحكام وتفاسيراتها ، فمن الخطأ اطلاق نفس المسمى على كليهما، فالفرق شاسع بين العالم التجريبي ، وفقيه الدين ، فالعلم التجريبي ينطلق من موجودات الأرض ، من الواقع المُشاهَد ، بينما الفقيه يغوص في بطون الكتب الدينية التي مبحثها وتخصصها في الغيب السماوي وملحقاته .
حينما يبدأ العالم بالعمل ، ينطلق من جملة من المشاهدات والملاحظات ، فيبدأ في طرح فرضياته على ما يجول بخاطره من تساؤلات أوحت له بها مشاهداته ، ويبدأ في اختباراته ، وحتماً سيصل الى استنتاجاته ، سواء بالنجاح أو الفشل .
ولكن هل يتوقف ؟ بالطبع لا ،فالعالِم أسير " قانون الحياة " وهو التسلسل السببي المادي ، والتسلسل الاستنتاجي ، ولا يعير انتباه  لما يسمى " عالم السماء " ومقدساته ، فهو لا يتعامل مع الغيبيات التي لا يمكن اخضاعها  للبحث والتجريب ، فكل عمله يتركز  في الوصول الى استنتاجات ، أو قوانين جديدة . كل هذا يجري ضمن اختصاصاته ، وما هو موجود أمامه من معطيات واقعية ، ومقومات للاستمرار في العمل لإيجاد الحلول لما هو مطروح أمامه من تساؤلات .
ولكن تبقى هناك تساؤلات لا يستطيع اخضاعها للتجربة ، فهو يواجه ظواهر كثيرة ليس بالإمكان إلقاء القبض على أجوبتها ، فهي لا زالت هاربة من اهتمامات العلماء ، وهاربة من امكانية إلقاء القبض عليها ، أي ايجاد أجوبة شافية لها ، مثل ظاهرة الموت ، الهِرم ، العجز ، اليأس ، المفاجآت السعيدة ، المفاجآت الضارة ، والحكمة من الأعاصير ، والزلازل والفيضانات  التي تقتل مؤمنين ، وغير مؤمنين ، والحكمة من خلق أطفال ، والقضاء بموتهم فور ولادتهم !!
والسؤال : من يعرف الاجابة على مثل هذه التساؤلات ؟ طبعا يصطدم بإجابة يقذفها الدين في وجهه ، أن الذي يعرف كل شيء هو " الله " .
هو يعلم كل شيء ، هو وراء كل الطلاسم المستغلقة على العقل البشري ، وهو الذي يسمح بالعلم أن يصل اليك ، هو لديه الخطة ، هو يقذف الى الحياة من يريد ، هو يُميت وينفي من الحياة من يريد ، هو ينتظرك بعد الموت ، هو كل المفاجآت !!
هو يقول " علم الانسان ما لم يعلم " . ولكن متى يسمح الله لهذا العلم أن يصل الى الانسان ؟ هل يسمح للعلم أن يصل للانسان منذ الولادة ؟ بالطبع ، لا ، فالانسان يُولد صفحة بيضاء ، ليس بها أي معرفة مُسبقة، وحركاته لا تزيد عن ردود أفعال تتوافق مع دوافعه الفطرية . فالوعي نتاج اجتماعي ، والعلم نتاج تجريبي ، وحينما ينخرط الانسان في نشاطه العملي لإنتاج مقومات حياته ، يكتسب المعرفة بأشياء العالم المحيط به .
فإنسان الصحراء يكتسب معارفه من تعامله مع أشياء الصحراء وحيواناتها ، والانسان الذي يسكن بجوار الغابة يتعلم كيف يحصل على غذائه من الغابة ، والانسان الذي يجاور البحر ، يتعلم كيف يحصل على غذائه من البحر !!
 من هنا فالعلم مرتبط بالحياة ، ويتم اكتساب العلم بشكل تدريجي ، وليس بدفعة سحرية واحدة ، ولا يجري استيراده من الخارج كجرعة من الغيب بوحي أو رؤيا ، بل بالتفاعل بين الانسان وأشياء العالم المحيطة به ، وزيادة المعرفة العلمية مرتبطة بمقدمات ، أي بمستوى التطور الذاتي – دماغ الانسان – والموضوعي ، أي الأشياء التي يتعامل معها الانسان .
  فالعلم يتطور حينما تكون الظروف مؤهلة لهذا ، والتفاعل بين الانسان والطبيعة وصل الى الحد الذي يدفعه لإنتاج الجديد ، فالاختراع وليد الحاجة وهي الدافع الى اختراع أكثر تطوراً من السابق ، ومن الأفكار السابقة تتولد أفكار أشمل وأعمق . اذن هناك تسلسل تفكيري ، وتسلسل اختراعي ، فلا يمكن أن يتم اختراع طائرة " الكونكورد " قبل ألف سنة ، فالتفكير في الطيران ، وتصنيع الطائرات سار بالتدريج الى أن وصل الى " الكونكورد " ، فالعلم والاختراعات مرتبطة بمقدمات مادية وفكرية لا تأتي من " وحي خارجي " أو بضربة سحرية ، أي يُولد انسان ولديه معرفة بكل العلوم ، ولا داعي للمزيد !!
 ان المشتغل بالعلم يدرك هذا ، وتتعاظم الثقة بعقله ومقدرته على صنع حياته ، فيشعر الانسان بقوة عقله وتفكيره حينما يُدرك أن هذه المقدمات ، المخترعات هي من انتاجه ، ولم تكن نتيجة لتلقين خارجي ، وأنه يجب عليه أن ينتظر تلقين آخر لا يعرف متى سيأتي !!
وبتعاظم الانجازات والاختراعات يتعاظم الشعور بمركزية الانسان وقوة عقله ، وعند هذا تحدث قطيعة بين العالِم ومسميات الغيب وملحقاتها ، فكلما تطور العلم وزاد نشاط العلماء ، تتعاظم الاشكالية بين العلم والنصوص الدينية حول الكون والانسان ، وفي نفس الوقت بقدر ما يتقدم  العلم وبمدى ما تتعدد إنجازات العلماء ، وتتغيّر الأسئلة القديمة لتولد بدلا عنها أسئلة جديدة ومن ثَمّ إجابات جديدة. هكذا هي عجلة الحياة.
ولكن باختلاف الأفراد والخبرات والظروف ، تختلف المواقف حسب المحن والمصائب والتجارب الخاصة ، ويختلف أيضاً الموقف من الغيب " الله " ودرجة الاعتقاد في مدى تدخله في حركة الكون وحرية الفرد ، وهل هناك غاية من وجود الكون ؟
 ان العلماء يؤمنون بإمكانية وجود أكوان أُخرى ، وليس الأرض وحدها ، وهنا تزول " الغاية " التي تعتمد عليها الأديان حينما تقول بمركزية الأرض وانسانها للكون !!
= ولكن أكبر لحظة يشعر فيها " العالم " أنه وجهاً لوجه أمام مسمى " إله " ، أو بصدد الاقتراب ، أو محاولة  البحث عن معنى " إله " حينما يُحال الى التقاعد !!، ويقوم الآخرون بتغيير قفل مختبره ، فيُسجن في داخل غرفة نومه ، فتنحصر اهتماماته في أدواته ومستلزماته اليومية ، كطفل لا يعنيه غير ألعابه ، ولا تنقذه من حالة الاكتئاب إلا ذكريات انجازاته على طول مسيرته العلمية ، والتي تصبح كخيالات من الماضي !! ، فهنا تتقاذفه الأفكار الفوقية التي ليس لها مدلولات واقعية وتختلط مع الخيال ، الغيب . في هذه اللحظة تجتاحه التساؤلات التي لا يجيب عليها العلم ، الموت ونهاية النهايات ، والمصير ، والعجز ، والافتقار الى العودة ، الى التجدد الجسدي والفكري !! فيغرق في عالم منفصل كليا عن الواقع ، عالم الخيال ، الغيب ، وربما ينحدر الى ما يشبه الغيبوبة الصوفية .
ولكن كيف يحدث هذا للعالِم ؟
يحدث هذا حينما تغزو جسده علائم الهِرم والشيخوخة ، شيئاً فشيئاً حينما يدخل في حالة من الانحسار الحركي للجسد ، تنحسر الانتباهات ، وتُختزل ردود الأفعال في الضروريات ، فينعكس هذا على نشاط خلايا الدماغ ، وربما يعتريه نسيان ، فتندمج ذكريات الواقع بالخيال ، ويصعب التمييز بينهما ، وتختلط لديه دلالات المفاهيم ، فينزلق الى الخيالات أكثر فأكثر ، فيزيد انعزاله عن الواقع ، وتجتاحه حالة من عدم اليقين ، وتصعب المقدرة على التحديد والتقرير ، ولا يجد غضاضة في مجاراة الشيء وعكسه ، وتنحسر لديه الدافعية للمناقشة أو المجادلة ، ولا يمكن تشخيص حالته إلا أنه منزل آيل للسقوط ، أو آيل للرحيل كجسد ، فتعتريه اللامبالاة وعدم الاكتراث بما كان ، وما سيكون ، وتجتاحه حالة من المجاراة والتسليم بالمسلمات الشعبية المستوحاة من الميراث الديني ، وهنا من الممكن أن يقال عنه أنه من المؤمنين ، بعد طول غياب !!

- ان ايمان العالم بإله لا يعني أنه آمن بإله مثل الاله الذي تُصوره الأديان الكتابية ، بل قد يكون تصوره للإله من نوع آخر لا يعرفه غير الفلاسفة أو العلماء !! فربما يكون " فكرة مطلقة " ، " روح مطلق " ، " معنى مطلق" ، " نظام مطلق " ، " كمال مطلق " .
ولنتعرف على رأي انشتاين  حينما أجاب على سؤال وُجه اليه من فتاة تدعى " فيليس " حيث سألت : سيشرفنا جدا لو أجبت على سؤالنا: هل يصلّي العلماء ، وما الذي يصلّون لأجله؟
عزيزتي فيليس،

سأحاول الرد على سؤالِك ببساطة قدر المستطاع، و هذا هو جوابي:
يعتقد العلماء أن كل حدث، بما في ذلك أحداث و شؤون البشر، هو بسبب قوانين الطبيعة. لذا لا يمكن للعالِم أن يميل إلى الاعتقاد بأن مسار الأحداث يمكن أن يتأثر بالصلاة، الرغبة أو الأمنية التي تتجلّى بشكل خارق.

ومع ذلك، لا بد لنا من الاعتراف بأن معرفتنا الفعلية بهذه القوى و قوانين الطبيعة هي غير متكاملة، وبالتالي فأن الاعتقاد في وجود روح نهائية يعتمد على نوع من الإيمان. مثل هذا الاعتقاد يبقى حاضراً على نطاق واسع حتى في ظل الإنجازات الحالية في مجال العلوم.
و لكن في نفس الوقت، كل من يطمح بجدّية في السعي وراء العلم، يصبح مقتنعاً بأن بعض من تلك “الروح” تتجلّى في قوانين الكون، روح بمفهوم آخر يفوق مفهوم الروح المعهود عند الإنسان. بهذه الطريقة، السعي وراء العلم يقود بنا إلى شعور ديني من نوع خاص، والذي بالتأكيد يختلف تماماً عن مفهوم التديّن عند شخص أكثر سذاجة.

مع تحياتي وودي،   " ألبرت آينشتاين " . 24 من يناير 1936...

فالمتدين يجب أن يقوم بالكثير ، الكثير من الطقوس لكي يكسب رضى من يعبد ، ولكن العلماء والفلاسفة ، لا يرون أن " الله" الذين يؤمنون به بحاجة الى كل هذا ، فهو " غني " عن العالمين !! والغنيْ ، الكامل الغنى ليس بحاجة الى صلوات ، أو دعوات ، أو قرابين كائن فقير ليكمل له نقص ، أو يسد له حاجة .
 والعلماء يسخرون من الذين يرفعون شعار الدفاع عن " الله" فالمتصف بالكمال المطلق لا يطلب مساعدة من أحد ، فمن يرفع شعار الدفاع عن "الله " فهو بهذا من حيث لا يشعر يضع الإله في وضع الضعيف ، العاجز ، المسكين الذي يحتاج للمساعدة والعطف ، ولا يملك القدرة في الدفاع عن نفسه .
وفي الكلام عن صفات الله ، لا نجد أي إنسان يجرأ على القول أن الله ضعيف ، فالله هو القوي وذو البطش الشديد والذي يُمهل ولا يُهمل ولا يحتاج لأي مساعدة من سكان الأرض . ولا يطلب من أحد تكوين الأحزاب للدفاع عنه ، أو سن قوانين لمعاقبة الآخرين باسم " الله " .
ومن يكلف نفسه بالدفاع عن الله إنما يضع نفسه في وضع تحجيم قدرة الله في الدفاع عن نفسه ، وهو القادر على إنزال العقاب الشديد على من يتطاولون عليه في الوقت المناسب ، وبالشكل الذي يريده .فكيف يحاول البعض الدفاع عن وجوده وهو بنوره وجبروته وقدرته وحكمته يملأ الكون ، وأقرب الى الانسان من حبل الوريد ؟؟
====================

الخلفية الأيديولوجية وراء اصطفاف نتنياهو إلى جانب بن سلمان

ليس دفاع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عن القاتل، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الدليل الأول أو الوحيد عن لا أخلاقية هذا الكيان، وافتقاره إلى الحس الأخلاقي التضامني مع الشعوب الأخرى.
فالفكرة الصهيونية في الأصل، هي فكرة غير أخلاقية وغير إنسانية، بل متناقضة مع روح الدين اليهودي، وليس صدفة أن الفكرة - المشروع لاقت إدانة ومعارضة من التيار الديني الأرثوذكسي في أوروبا وكل مكان مطلع القرن الماضي وقبلها. كان التيار الصهيوني بين اليهود تيارا صغيرا، في حين بات اليوم تيار الأغلبية، وأضحت اليهودية تعيش في بيئة غريبة تُحمَّلُ ظلماً المسؤولية عن جرائم خاطفيها.
منذ الأيام الأولى وبعد الإعلان عن تورط النظام السعودي في تصفية الصحافي جمال خاشقجي، أُصيب نتنياهو بالفزع، ليس حزناً على الجريمة المروعة، إنما خوفاً على خسارة لنظامٍ عربي مارق، بات صديقاً وحليفا لنظام الأبارتهايد الإسرائيلي، في سياساته العدوانية والاستعمارية في فلسطين ودول عربية أخرى، وضد حركات المقاومة التحررية، وضد النظام الإيراني، وكذلك خوفاً من فقدان أحد الشركاء العرب الأساسيين في "صفقة القرن" التصفوية".
لقد سعت حكومات الأبارتهايد الاستعماري المتعاقبة، لنسج علاقات سرية مع أنظمة عربية، في إطار مخططها لتفكيك العالم العربي ومحاصرة تيارات وحركات الرفض للاستعمار. كانت أولويات هذه الحكومات، التي تتغذى من معين أيديولوجي واحد، يتمثل في الصهيونية، ترسيخ طمسها لحق الشعب الفلسطيني واستعمارها لأرضه، وتكريس الهيمنة الصهيونية والإمبريالية الغربية على المنطقة العربية. لم يكن همّها في يومٍ من الأيام حقوق الإنسان العربيـ بل تخوّفت دائما من الشعوب العربية، والقوى السياسية المعبرة عن طموحاتها في التحرر.
حين انفجر البركان العربي في أواخر عام 2010 في تونس وامتد إلى مصر، وقبل أن يمتد إلى بقية الأقطار العربية، كانت حكومة إسرائيل ترتجف خوفا من انتصار الجماهير وخسارة النظام المصري. ولم تُخْفِ حكومة إسرائيل والنظام السعودي غضبهما من تخلي الإدارة الأميركية بزعامة باراك أوباما عن النظام المصري، المرتبط بإسرائيل من خلال اتفاقية صلح مهينة.  وتحققت مخاوف إسرائيل والنظام السعودي عندما انتصر الشعب المصري، وزحف إلى السفارة الإسرائيلية وهاجمها، تعبيرا عن الرغبة في إزالة هذا العار.
غير أن معجزة سقطت على إسرائيل من السماء، وهي جملة كررها قادة إسرائيل تعبيرا عن فرحتهم فور إقدام ضابط مصري غير معروف، هو عبد الفتاح السيسي، على الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، وارتكاب مجزرة مروِّعة، حيث ذبح المئات من المعتصمين في ميدان رابعة العدوية. ويصف حكام إسرائيل، سواء من الساسة أو في الجيش، بأن مستوى التعاون الأمني مع نظام السيسي غير مسبوق، ويفوق بطبيعته ومستواه ما كان قائما مع نظام مبارك.
 
في الغرب داعمون لنظام السيسي القاتل، غير أنه لم يبق صديقا ولو في الظاهر لولي العهد السعودي القاتل، سوى بنيامين نتنياهو وزمرته، الذين يسعون، بلا خجل أو ذرة إحساس بالإنسانية، إلى تنظيفه من المسؤولية عن الجريمة على مذبح مصالح إسرائيل الاستعمارية المعادية للعرب وللإنسانية.
تاريخ مشين من دعم أنظمة القتل في العالم 
يقول المحامي الإسرائيلي والناشط من اجل الشفافية في مراقبة الصادرات الإسرائيلية في قطاع الأسلحة، إتاي ماك، إن "سكوت نتنياهو إزاء لاسامية البيت الأبيض لا يجب أن تفاجئ أي أحد، من الأرجنتين إلى رواندا. إن لإسرائيل تاريخا فاضحا من تزويد الأسلحة والدعم للأنظمة المجرمة" (موقع 972+ بالإنجليزية، نشر بتاريخ 7.2017 .27).
ويذكرنا ماك في مقاله، بتاريخ هذه العلاقة غير الأخلاقية والدموية، خصوصا بين إسرائيل ودول أميركا اللاتينية الجنوبية منذ أواخر الستينيات.  من هذه الأنظمة الأرجنتين، غواتيملا وبوليفيا؛ وفي القارة الأفريقية: جنوب أفريقيا ورواندا وغيرها. وفي جنوب أفريقيا ظلت حكومات إسرائيل من عهد بن غوريون وغولدا مئير ومناحيم بيغين، تساند نظام الأبارتهايد المتوحش هناك، حتى عندما كانت لحظة انتصار السود على هذا النظام تقترب وتطيح به معلنة فجرا جديدا في هذه البلاد، التي استمر فيها الاستعمار والفصل العنصري لأكثر من 300 عام. شكّل هذا النصر عارا لإسرائيل، وهزيمة لتحالفها مع نظام من نفس طينتها. هذه الأنظمة قمعت شعوبها بوحشية من خلال الأسلحة التي زودتها لها إسرائيل، ومن خلال فرق الموت سيئة الصيت التي درّبتها.
 
هي سياسة ثابتة وبنيوية في التركيبة الأيديولوجية للكيان الإسرائيلي، هدفها حماية جريمة غزو فلسطين، واستمرار استعمارها ومواصلة التنكيل بأهلها على مدار الساعة.
 وليس ترحيبها بفوز الفاشي جايير بولسانورو برئاسة البرازيل، أواخر الشهر الماضي، سوى امتداد عضوي ومزمن لهذه السياسة الدموية.
 الفكرة الصهيونية هي فكرة إجرامية من الأصل 
إنّ الفكرة الصهيونية هي أساسا فكرة غير أخلاقية وعدوانية، وهي منذ البدء أُسست على العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها. هي غير أخلاقية لأنها تنطوي على إحلال مجموعة سكانية غريبة، محل جماعة من الناس عاشت على أرضها آلاف السنين. وليس اختراعها أكذوبة "أرض بلا شعب لشعبٍ بلا أرض" سوى تجسيد للتوجه الاستئصالي لهذه الحركة السياسية العنصرية الاستعمارية.
كان هدفها المعلن بناء دولة يهودية، وليس دولة ديمقراطية عربية- يهودية مساواتية. هي رفضت كليا أطروحات حركة ״بريت شالوم" اليهودية، التي طرحت في أواخر العشرينيات والثلاثينيات، دولة ثنائية القومية واحدة في فلسطين.  بل رفضت الحركة الصهيونية أي طرح يمنح العرب حقوقا متساوية، وكان هدفها منذ البداية إخلاء فلسطين من العرب. وهي لا أخلاقية لأنها منذ البدء سعت إلى التحالف مع القوى الاستعمارية الغربية التي كانت تفتك بالشعوب الفقيرة، لتحقيق مشروعها الاستئصالي. وفي إطار هذه التحالفات غير الأخلاقية وغير الإنسانية، رأت بالحركات العمالية والتقدمية المحلية، والتي شملت قوى يهودية ديمقراطية ويسارية، قوى معيقة لمشروعها العدواني العرقي.
إن واقع الحكم الإسرائيلي الراهن، وممارساته الدستورية والسياسية والميدانية، تتجه بوتيرة عالية نحو التكريس النهائي للهدف الصهيوني الأول. غير أن العامل الديمغرافي الفلسطيني وصمود الشعب على أرضه، ورفضه الاستسلام يشكل تحديا حقيقيا أمام المشروع الصهيوني الاستعماري.
إنّ نتنياهو وشلته في الحكم يسكتون على مظاهر اللاسامية، في دول يحكمها رؤساء لا ساميون وعنصريون بل يتعاونون معهم، مثل ترامب في أميركا وفيكتور أوربان في هنغاريا، والرئيس البولندي والرئيس البرازيلي الجديد وغيرهم. ويعود هذا التعاون غير الأخلاقي إلى رغبة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل بالحفاظ على حكمه، فتلك الأنظمة تدعم جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين في المنابر الدولية. وسبب آخر هو أن إسرائيل لا تستطيع إدانة العنصرية في العالم، في الوقت الذي تسقط ما تبقى من أقنعة عن وجهها الحقيقي، من خلال تمرير سلسلة من القوانين العنصرية، والتي تُوّجت مؤخرا بـ"قانون القومية".
هذه هي إسرائيل، فاقدة الشرعية الأخلاقية، ولا غرابة بأن من اختطف اليهودية وفرّغَها من مضمونها الروحي والأخلاقي، وحوّلها إلى حركة استعمارية عنصرية عدوانية، ويقيم أكبر غيتو يهودي في التاريخ اليهودي والأقل أمنا لليهود أنفسهم، على أنقاض شعب آخر يواجه حملة متصاعدة من المجتمع المدني العالمي، لنزع الشرعية الأخلاقية عنه.
إن تحالف حكام الغيتو الصهيوني مع طغاة عرب، مثل بن سلمان والسيسي وغيرهما، ومع حكام فاشيين في البرازيل وأوروبا الشرقية، سيساهم في عملية نزع الشرعية الأخلاقية عن نظام الأبرتهايد الإسرائيلي.
------ نقلا عن " عرب 48 -- عوض عبد الفتاح .

ماهي الدولة ؟؟هل للدولة دين ؟

لا تزال هناك صعوبات في تعريف الدولة , فالدولة مشتقة من كلمة STATUS أي حالة أو وضع , لذلك تعددت التعريفات الغير متفق على جزئياتها من قبل الجم...