الأحد، 29 ديسمبر 2019

اعترفات البشير والإخوان بـ30 عامًا من الدم والفساد

"في رمضان دفَنّاهم وانتهت الحكاية".. اعترفات البشير والإخوان بـ30 عامًا من الدم والفساد

11:01 مالسبت 28 ديسمبر 2019


"في رمضان دفَنّاهم وانتهت الحكاية".. اعترفات البشير والإخوان بـ30 عامًا من الدم والفساد







الرئيس السوداني المعزول عُمر البشير
كتبت – إيمان محمود:
عرضت قناة "العربية"، أول أجزاء سلسلتها الوثائقية التي تحمل عنوان: "الأسرار الكبرى.. جماعة الاخوان"، والتي كشفت من خلالها طريقة إدارة جماعة الإخوان في السودان للبلاد منذ انقلاب عام 1989.
احتوى الجزء الأول من السلسلة الوثائقية والذي تم عرضه مساء الجمعة، على وثائق صادمة حول تمكّن الرئيس المخلوع عمر البشير، وقيادات حزب المؤتمر الاخواني ورموز التنظيم في السودان من إحكام قبضتهم على مقاليد الحكم ونجاحهم في السيطرة على مفاصل الدولة طوال 30 عامًا.
الوثائق التي تم عرضها، عبارة عن تسجيلات سرية لاجتماعات قيادات إخوان السودان، يقرّون فيها بتدبير انقلاب 30 يونيو عام 1989، وما ارتكبوه من بطش واعتقالات وتعذيب بحق كل من كان خارج فصيلهم. تحدثوا عن فسادهم وفشلهم في إدارة الدولة، ورغم ذلك تمسكوا بالحكم حتى لو على رقاب المتظاهرين، بحسب الوثائقي.

انقلاب 1989 "أهداف زائفة"

صباح 30 يونيو 1989؛ وضع الضباط المنتمون للإخوان مع قادتهم المدنيين بزعامة حسن الترابي وعلي عثمان طه الذي قاد فعليًا المجموعة المدنية المسلحة، وضعوا اللمسات الأخيرة لانقلابهم والإطاحة بالحكومة المُنتخبة.
بحسب الوثائقي، جاء الانقلاب رغم مشاركة الإخوان في البرلمان وائتلاف حكومي خرجوا منه بسبب توقيع قوى في الحكومة اتفاق مع الحركة الشعبية في فبراير عام 1989، رغم أن جوهر الاتفاق هو نفسه الذي وقعته حكومة الإخوان عام 2005، مع الحركة الشعبية بعد أن سالت دماء آلاف السودانيين في الحرب وغيرها خلال سعي الإخوان البقاء في السلطة.
ورغم أن الهدف المعلن للسيطرة على كرسي الحكم كان وقف التدهور الاقتصادي والأمني، إلا أن سعر الدولار وقتذاك في 1989 كان 4 جنيهات سوداني، وعند سقوط البشير في أبريل 2019 كان الدولار يعادل 75 جنيه سوداني، بحسب الفيلم الوثائقي.

"في رمضان دفناهم وانتهت الحكاية"

عقب انقلاب الإخوان؛ سرعان ما انتشرت الاعتقالات والتعذيب الواسعة فيما عُرف بـ"بيوت الأشباح".
كانت أبرز الجرائم، مذبحة إعدام 28 ضابطًا من القوات المسلحة السودانية والتي تعرف بـ"حركة 28 رمضان"، وذلك بعد أقل من عام من توليهم السلطة في أبريل عام 1990.
وفي اجتماع لمجلس شورى الاخوان –نقلته أولى حلقات الوثائقي- اعترفوا بالمجزرة وبأن البشير كان يعلم بالمحاولة الانقلابية وينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض عليهم، قائلاً: "أوصلناهم إلى رمضان ودفناهم".
وأضاف البشير: "لو سبقونا البعثيين بـ48 ساعة.. ما الذي سيحصل؟، خلال 48 ساعة جمعوا خيرة ضباط الجيش.. نحن استلمنا يوم الجمعة وكان موعدهم يوم الأحد ولم يتوقفوا يوم السبت بدأوا التنفيذ.. سهرنا الليل لإحباط محاولة البعثيين يوم السبت، ظلوا يحاولوا حتى أوصلناهم رمضان، وفي رمضان دفناهم وانتهت الحكاية".
كما تحدث الوثائقي عن إعدام جرجس القس ومجدي محجوب في 17 ديسمبر 1989، بزعم تجارتهما في العملة، وجرائم أخرى.

الحركة الإسلامية "الدولة لنا"

نقل الوثائقي عن بعض الكتب الجملة الشهيرة التي وجهها مدبر الانقلاب حسن الترابي للبشير، قائلاً: "اذهب إلى القصر رئيسًا وسأذهب إلى السجن حبيسًا" لتبدأ بعدها فترة طويلة من الحكم الإخواني في السودان.
في إحدى المقاطع، يظهر البشير موجهًا حديثه لجمع من الحركة والحزب، ويقول: "كنت شاعر بفراغ كبير جدًا بعد حلّ الحركة الإسلامية، تكلمت مع الشيخ الترابي رحمه الله، قلت له لماذا قمت بحل الحركة؟، فجاوبني: حتى لا تقيّد الدولة".
واستطرد: "قلت له الدولة ملك لمن!.. نحن يا شيخ حسن قناعاتنا أن هذه الدولة ملك للحركة الإسلامية، لأنك جئتنا ونحن في اجتماع ونحن ضباط وقلت لنا إخوانكم قرروا أنكم تستلموا السلطة، ما سألناك إخواتنا مَن؟".
يستكمل البشير حديثه وفي الخلفية أصوات الحاضرين يكبرون: "هذه الحركة هي اللي قررت، ونحن قلنا على السمع والطاعة".

التوغل في الدولة وخوف من النموذج المصري

أكثر من 600 ألف مواطن تم فصلهم من وظائفهم –بحسب الوثائق- وتم استبدالهم بالإخوان أو موالين للانقلاب
ويقرّ البشير في أحد الاجتماعات: "الإخوان موجودين في كل مفاصل الدولة.. كل مفاصل الدولة ماسكينها إخوان، والناس اللي عابوا علينا اننا أتينا بالاخوان في كل مفاصل الدولة الآن شاهدوا ما حصل في مصر؛ كل مفاصل الدولة كانت ضد الإخوان فشالوهم في يوم واحد".
ظهر البشير في مقطع آخر وهو يؤكد أهمية مبدأ السمع والطاعة المعروف لدى جماعة الإخوان، قائلاً: "عضو الحركة الإسلامية أقوله شيل بندقية واقف خفير لهذا المبنى، يشيل البندقية ويقف.. هذا هو عضو الحركة، الذي لا يطيع الأمر في المنشط والمكره ما لم يكن في المعصية، ليس عضوا في الحركة، لذلك مشروع البنيان المرصوص هو المشروع الموجه لعضوية الحركة ليربّط ويمتّن صفها".

إقرار بخرق القوانين

علي عثمان محمد طه القيادي بالنظام البائد، اقرّ في مقطع مصور بخرق نظام البشير للقوانين بهدف الحفاظ على رجالهم في أعلى المناصب: "الدولة القائمة الآن هي دولة المشروع الإسلامي الذي يجب أن نحافظ عليها وأن تكون خياراتنا وجهدنا منصبا للمحافظة عليها وتقويتها باعتبارها المنصة الأولى التي من خلالها تسعى الحركة الإسلامية لتنزيل مشروعها وتجمع بين السلطان والقرآن".
ويؤكد طه: "حتى عندما نسن قانون نخرج عليه، نقول للناس التراضي والشورى والكفاءة.. ونقول نعمل قانون لكن نرجع نقول ان هذا القانون ما بيجيبلنا ناسنا، فنقوم نعمل قانون ونخرقه بالتصرفات الإدارية لأنه ما هايجلب لنا المدير اللي نريده، ده اللي يخلي الناس ينظروا لأن الحزب او الحركة هما الوسيلة للوصول الى السلطة وليست الكفاءة المهنية التي تقتضيها الوظيفة العامة".

دعم التنظيمات في الخارج

أشار الوثائقي إلى اهتمام دعم إخوان السودان للجماعات الإسلامية في خارج بلادهم، بل اعتبروا أن نموذجهم في السودان مثلاً يُحتذى به ويتطلع إليه آخرون في بعض الدول العربية.
عصام أحمد البشير القيادي في جماعة الإخوان، يقول في إحدى الوثائق: "نؤكد أن دعمنا لهذه الحركات لم ينقطع يومًا، وإن تعددت الوسائل وتنوعت الصور، تبعًا لتقديم المصالح".
فيما يتحدث أمين حسن عمر القيادي في جماعة الإخوان، عن ضرورة دعم الإخوان في تونس، قائلاً: "إخوتنا في تونس بحاجة إلى دورة تدريبية في الحملات الانتخابية نعينهم وإذا احتجناهم يعينونا".
من ناحية أخرى، شارك قادة من تنظيمات الإخوان من دول عربية عدة في اجتماعات سرية عُقدت في الخرطوم، حيث أثنوا على تجربتها ودافعوا عن فسادها وفشلها، بحسب الوثائقي
طارق السويدان، القيادي في جماعة الإخوان بالكويت، قال في أحد الاجتماعات بالخرطوم: "نحن نعلم أنكم تمتلكون قدرات بشرية غير عادية، أنا أعرف الحركة الإسلامية تقريبًا في كل مكان، فنتوقع منكم الكثير، ونتوقع أن تظهر السودان نموذجًا".
واستكمل موجهًا حديثه لجمع قيادات نظام البشير الجالسين أمامه: "الحصار الذي يجري على السودان، نحن نتابعه ونتابع جهودكم وإصراركم على المواجهة.. ولا شك طبعا بعد الأوضاع في مصر زاد الضغط عليكم..".

الخميس، 12 ديسمبر 2019

رام الله ، عاصحة السراب الفلسطيني ..

  "" رام الله " عاصمة السراب الفلسطيني ...
مراسل "لوموند" يكتب عن رام الله عاصمة السراب الفلسطيني وكيف تحوّل المناضل إلى حارس لفنادق الـ5 نجوم
يقدم الصحافي بانجمين بارت، صورة مفصلة، ودقيقة، ومثيرة، وصادمة للأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال عمل ميداني، ومقابلات، وأرقام. تضمنها كتابه «حلم رام الله: رحلة في قلب السراب الفلسطيني» الصادر بترجمته العربية عن «جرّوس برس ناشرون» (2013).

يتحدث بارت الذي عمل مراسلا لصحيفة «لوموند» الفرنسية في رام الله ما بين عامي 2002 و2011، عن طبقات استحدثت، وخطط لسلام اقتصادي، لإطالة أمد الاحتلال، وتحسين صورته، وعن مناضلين ومثقفين تخلوا عن المبادئ. من أجل أوهام عامة، ومكاسب خاصة.

يدرك المؤلف استحالة بناء اقتصاد في ظل احتلال، وكذلك سلطة، ومؤسسات، ولكن هذا قد لا يكون وجهة نظر دول وطبقات وفئات تستفيد من الوضع الجديد، ومن أموال المانحين السياسية التي تتدفق تحت عنوان عام، لدعم مسيرة السلام، وتسريع حل الدولتين، ولكن ما يحدث في الواقع، هو قضم المزيد من أراضي الفلسطينيين، وتقويض أي أمل في حل الدولتين، وهو ما يدركه المانحون، من خلال التقارير العلنية أو المسربة، ولكنهم يستمرون في لعبة لا تنتهي، في وضع فانتازي، يكتب بارت: «هذا البلد المستحيل والمأساوي والعبثي الرائع الذي يشبه بأجوائه روايات فرانز كافكا، ولويس كارول، اسمه فلسطين، أو بالأحرى الضفة الغربية»، ويضيف: «رام الله أقل مجونا من تل أبيب وأقل بهرجة من بيروت، لكنها أكثر إثارة للدهشة من الاثنتين، وهي الآن الفقاعة الجديدة في الشرق الأدنى».

«عاصمة السراب الفلسطيني» كما يسميها المؤلف، التي تتعرض لاقتحامات الاحتلال الليلية، ومحاصرة بالمستوطنات والحواجز، لا تكف عن محاولة الظهور بمظهر الحياة الطبيعية: «منذ عام 2007، تفتتح حانة جديدة أو مطعم عصري كل ثلاثة أو أربعة أشهر»، ومن هذه المطاعم من يحاكي الأناقة الباريسية، أو السحر اللاتيني. إنها الزبد التي تحاول إخفاء ما يدور في المدينة، التي يوجد فيها عدة مخيمات للاجئين، والتي يزيد فيها القراء فقرا، في حين تتكون فيها طبقات سريعة الثراء، بقرارات فوقية، ترى بوجود مثل هذه الطبقات ضرورة لسلام من نوع خاص، والمقصود في الواقع سلام الاحتلال، وجعله احتلالا مقبولا ورخيصا، بل مربحا، فكل تدفق لأموال مانحة، هناك طرق كثيرة، ليذهب جزء منها إلى خزانة آخر احتلال، الذي يحظى بالتدليل.

ينقل المؤلف عن دبلوماسي فرنسي قوله إن وكالات التنمية الدولية لا تتكلم: «سوى عن تقوية المجتمع المدني، لكنها غالبا ما تفعل عكس ذلك؛ فهي تقوض قدرته على اتخاذ المبادرة وتحوّل المناضلين إلى مقاولين من الباطن، أي إلى زبائن»، يشدد هذا الدبلوماسي: «المساعدة الدولية في الأراضي المحتلة هي آلة ضخمة لنزع الصفة السياسية عن حركة التحرير الوطنية الفلسطينية».
لقد أصبحت رام الله دون أن تدري أو تعترف، مركزا ماليا وسياسيا، مكانا معزولا للشخصيات الفاعلة، وعاصمة لدولة مفقودة. ينقل المؤلف عن ناصر أبو رحمة: «منطقة رمادية، غير محتلة مباشرة، وليست حرة فعليا، وهي محاصرة ولكنها تعج بالحياة». أما يزيد عناني فيقول: «تتحول المساحة العامة إلى مساحة تجارية. وتنتشر أشكال التنظيم المدني الليبرالي الجديد في كل مكان. انبثق عن هذا التحول وهم التعايش بين كل من الحرية والازدهار والاحتلال. إنه لـ(هبل) كامل. لن تكسب رام الله شيئا، إذا أرادت أن تقلد دبي أو عمان».
يظهر التناقض ما يرصده المؤلف بذكاء، في حفل خطبة ابنة القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي في فندق «موفنبيك»، الذي حضره كبار السياسيين، متسائلا إذا كان هؤلاء لاحظوا مستوطنة بساغوت اليهودية التي تطل على المكان من جبل الطويل: «هل وصلت أصوات موسيقى الحفلة وأصوات أبواق السيارات المتنافرة إلى آذان سكانها؟ لديهم منظر لا يحجب على (موفنبيك) من نوافذ صالوناتهم. بساغوت هي حارس وسور في الوقت نفسه، وإحدى حلقات النظام الذي يمسك بفلسطين بين فكي كماشة».
دبلوماسي فرنسي يخبر المؤلف بأن السلطة الحقيقية في الضفة الغربية هي إدارة الاحتلال في مستوطنة بيت إيل، على مسافة قريبة من المقاطعة.
ويرى المؤلف أن أي حديث عن تغيير، يصطدم بطبقة المديرين العامين الذين تم توظيفهم بفضل علاقاتهم داخل حركة فتح: «حتى لو جلبنا إلى فلسطين الوزراء الـ25 الأكثر كفاءة في العالم، وحتى لو تم استيراد مائة مدير محترف، لن يكونوا قادرين على بناء مؤسسات. رؤية الدولة لا توجد إلا على الورق. لا يمكن أن تتحقق».
ينقل المؤلف عن خبير أجنبي: «بناء الدولة في فلسطين تجربة وهمية أو افتراضية. مهما كان الجهد الذي تبذله، يهدده الواقع بمناقضته في كل لحظة».
وهذا نقد مباشر لمسعى رئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فياض، الذي قدم نفسه خلال السنوات الماضية بصفته صاحب مشروع «بناء الدولة»، بل حدد لإعلان مثل هذه الدعوة عدة تواريخ. القانوني كميل منصور يقول بوضوح: «كل هذا خدعة؛ فياض ليس مغفلا. ما يحاول فعله هو إبقاء النظام على قيد الحياة، وكسب الوقت حتى الانفجار المقبل».
وحقيقة مشروع فياض، كما يعتقد المؤلف: «محاولة لتحديث البيروقراطية الفلسطينية، لم تنجز».
يرى المؤلف أن ممولي فلسطين، انحازوا إلى فتح، مثلا من أصل 1.2 مليار دولار دفعت في عام 2006، مر 700 مليون منها بمكتب الرئيس محمود عباس.
المساعدات الدولية أيضا، كما يقرر المؤلف، هي صفقات تجارية، أغلبها مربح جدا، يستفيد منها الكثيرون كالمتعهدين، ووكالات التنمية الخاصة، وشخصيات سياسية وأكاديمية ومؤسسات محلية.
ويستقدم المتعهدون، الخبراء الأجانب، لأسباب تتعلق بالربح، في حين أنهم لا يقدمون عملا حقيقيا يمكن أن يخدم المؤسسات الفلسطينية، أحد الذين عملوا في برنامج لدعم القضاء الفلسطيني يعطي مثلا: «أذكر خبيرا أتى ليضع تقريرا عن أخلاق القضاة. كلف المانحين إقامته لمدة شهرين أكثر من مائة ألف يورو. لماذا؟ لتقرير من 17 صفحة لا فائدة منه إطلاقا».
هناك طبقة محلية تكونت بعد استفادتها مباشرة أو بطريقة غير مباشرة مما يسميه المؤلف «صناعة الإعانة»، وتتكون من «مديري منظمات غير حكومية، ومشرفين على مشروع تنمية، مستشارين سياسيين في منظمة دولية أو أساتذة في جامعة بيرزيت، يتقاضون معاش مستشار في القطاع الخاص».
لم تثر هذه الطبقة، التي تتركز في حي الطيرة، غرب رام الله، من خلال الأملاك العقارية، أو الانتماء لحركة فتح، أو من شركات عائلية: «بل في المعاشات بالدولار (بين 3000 و10000 في الشهر) وتراخيص التنقل داخل إسرائيل وتذاكر سفر لحضور مؤتمرات في الخارج. تلتقي بهم في مطاعم المدينة الأنيقة، في حفلات القنصليات وفي قاعة الشخصيات الهامة لجسر اللنبي، نقطة المرور بين الضفة الغريبة ومطار عمان، حيث تعفيهم مكانتهم الاجتماعية من الانتظار إلى ما لانهاية، الذي هو نصيب مواطنيهم الأقل حظا منهم». هذا الطبقة هي التي تعطي رام الله: «وتيرتها السريالية وهويتها المفصومة، تتنازع بين الحرية والازدهار والاحتلال والاستعمار».
هذه الطبقة تحظى بدعم المانحين: «الذين كانوا مقتنعين بأن ظهور طبقة وسطى عليا، حريصة على رغادة عيشها، يساهم في استقرار السلطة الفلسطينية، وبالتالي حل النزاع»، ولكن في واقع الأمر، لا يوجد قناعة بحل النزاع، وهو ما يقال خلف الكواليس، وإنما إيجاد أرضية لاحتمال احتلال طال أكثر من اللازم.
النخب المثقفة كانت جاهزة لبيع خبراتها، مثلا: «تحمست البرجوازية المثقفة التي تدور في نطاق جامعة بيرزيت، سارع كثير من أفرادها إلى تأسيس منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، لدراسة الديمقراطية أو لتعزيز دور المرأة، كلها مواضيع كانت جزءا لا يتجزأ من برامج الأحزاب والنقابات، التي أُعيدت صياغتها استجابة لشواغل المانحين. بذلك، دخلت هذه النخبة المثقفة في مسار تغريب يتيح لها سهولة أكبر للحركة الدولية وزيادة للموارد لا يستهان بها».
محاولة الحفاظ على الوضع القائم، وإدارة الصراع وليس حله، أدت إلى فتح خزائن البنوك، التي كانت سابقا تنتهج سياسة متحفظة، لإطلاق برامج إقراض، جعلت نسبة كبيرة من الـ160 ألف موظف في السلطة، يكدون لسد ما اقترضوه. ينقل المؤلف عن الاقتصادي سام بحور: «مجتمعا غارق في الدين لا يتمرد على السلطات القائمة. عندما تستدين لتشتري منزلا أو سيارة، لا تنزل لتحتج في الشارع».
يقول المؤلف: «لقد تَحَوّل قراصنة الجو، خاطفو الطائرات في سبعينات القرن العشرين وقاذفو الحجارة في الثمانينات، الذين كان يعبدهم الثوار في العالم بأسره. يشيد بهم خبراء صندوق النقد الدولي. هل سيعيد هذا التغير للفلسطينيين حريتهم؟ لا أحد يدري. أمّا اليوم، فهو يساهم أولا في ازدهار أعمال حفنة من ذوي الامتيازات».
يضيف: «بعد انطلاق مسيرة السلام، سنة 1993، تم إدماج تقريبا كل شباب الانتفاضة الأولى في دوائر الأمن التابعة للنظام الجديد. وحصر الحماس القومي باتجاه بناء نواة جيش. في نهاية السنوات تَحَوّل بعض مقاتلي الانتفاضة الثانية إلى حراس في المتاجر أو الفنادق ذات الخمسة نجوم. وتحول الهوس الثوري إلى الدفاع عن القطاع الخاص».
من الصعب تلخيص كتاب هذا الصحافي الحاصل على جائزة ألبير لندن عام 2008. الذي نقلته إلى العربية سنا خوري بأسلوب سلس، ولكنها ارتكبت كارثة حقيقية في ترجمة أسماء الأعلام والأماكن، وأحيانا يرد الاسم في الصفحة نفسها بصيغتين مختلفتين. هل هو كتاب ينذر بالعاصفة قبل هبوبها؟ كما يقول الناشر، أم أن موعد فلسطين مع الرياح التي تطهر الأرض، ما زال مؤجلا، أو مستحيلا؟
منقول

الخميس، 8 أغسطس 2019

إخوان السودان..هدر تريليون دولار والجنوب والحظر أبرز الكوارث

قال خبراء ومحللون إن الفساد الذي مارسه نافذون ومنتمون للمؤتمر الوطني، الجناح السياسي للإخوان، أهدر أموالا ضخمة وأفقد السودان فرصا استثمارية كانت كفيلة بتغيير صورة المشهد الاقتصادي البائس التي تظلل خريطة اقتصاد البلاد الحالية والتي تتجسد أهم ملامحها في ارتفاع الديون إلى أكثر من 58 مليار دولار. وأدى حكم "إخوان السودان" الذي استمر لثلاثة عقود إلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني بمعدلات غير مسبوقة، حيث تراجعت قيمته من 12 جنيها أمام الدولار إلى 65 ألف جنيه في السوق الموازي حاليا، مع مراعات الأصفار الثلاث المسحوبة من العملة. وارتفعت معدلات البطالة إلى أكثر من 19 في المئة، ووصل التضخم إلى 67 في المئة، بحسب إحصائيات رسمية، وتراجعت مؤشرات الاقتصاد الكلي، وخرجت مئات المصانع من الخدمة، وتدهور الإنتاج في العديد من المشاريع والمؤسسات الاقتصادية. وأكد مراقبون لـ"سكاي نيوز عربية" تورط عناصر إخوانية نافذة في عمليات الفساد الضخمة التي يقدر الأثر المباشر وغير المباشر الناجم عنها بأكثر من تريليون دولار، وذلك استنادا إلى حجم الأموال المهدرة في قطاعات النفط والزراعة، إضافة إلى العقوبات الأميركية التي تعرض لها السودان خلال الفترة من 1997 حتى 2017، بسبب تصرفات الإخوان الأيديولوجية واتهامهم برعاية الإرهاب، واستضافتهم لزعيم تنظيم القاعدة لعدة سنوات خلال تسعينيات القرن الماضي. تلاعب وخسائر ولم يسلم القطاع الزراعي من فساد وتلاعب الإخوان، فمنذ مجيئهم للحكم بدأوا في تفتيت مشروع الجزيرة العملاق وتقسيمه لأهل الحظوة، فتدهورت أوضاع المشروع الذي كان الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وإذا اخذنا محصولا كالقطن مثلا، نجد أن خسائره بلغت خلال أعوام الإخوان الثلاثين نحو 5 مليارات دولار، إذ تراجعت صادراته من 200 مليون دولار في العام الذي سبق مجيء الإخوان إلى 24 مليونا في المتوسط خلال الأعوام الماضية. وتأثر القطاع الزراعي عموما بسياسات نظام الإخوان، مما أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج وبحجم الصادرات، وانعكس الأمر سلبا على الميزان التجاري الذي تدهور بشكل مريع. ويشير عصام عبدالوهاب بوب الأكاديمي وأستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية إلى أن الخسائر المباشرة وغير المباشرة للفساد قد تصل إلى ترليون دولار، باعتبار خسائر بيع المؤسسات العامة وتدمير المشاريع الزراعية، إضافة إلى انفصال الجنوب والعقوبات الأميركية التي استمرت 20 عاما والتي تقدر خسائرها المباشرة وغير المباشرة بـ500 مليار دولار. كما أن السودان خسر إنتاجا يوميا قدره 480 ألف برميل من النفط، ما يعني خسارة نحو 96 مليار دولار في 8 سنوات، أي منذ الانفصال في 2011 حتى 2019. إرهاب وحظر وبفعل سلوكيات نظام الإخوان واستضافتهم لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة خلال الفترة من 1991 إلى 1996 فرضت واشنطن حظرا اقتصاديا على السودان استمر لأكثر من 20 عاما وقدرت خسائره بنحو 100 مليار دولار، فيما ذهبت تقديرات أخرى إلى نحو 500 مليار. وتسبب الحظر في تعطيل العديد من المؤسسات الإنتاجية والخدمية التي كانت تعتمد في السابق على قطع الغيار والتكنولوجيا الأميركية وعلى رأسها الخطوط الجوية السودانية التي تعتبر واحدة من أقدم خطوط الطيران في المنطقة والتي وصلت إلى حد الانهيار الكامل، حيث كان معظم أسطولها يتكون من طائرات بوينغ الأميركية، كما فقدت السكك الحديدية 83 في المئة من قدراتها. ومثّل انفصال الجنوب في العام 2011 واحدا من العلامات المهمة في تاريخ السودان، وهو أمر تتحمل مسؤوليته حكومة المؤتمر الوطني الإخوانية بشكل كامل حيث دفعت الشعارات "المتطرفة" التي رفعتها منذ مجيئها في العام 1889إلى تأجيج الصراع، وقفل كافة أبواب الحلول الوحدوية السلمية ما أفضى في نهاية المطاف إلى الانفصال. تأثير تراكمي ويقدر محمد الجاك استاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم الحجم التراكمي للآثار الاقتصادية الناجمة عن الفساد الذي مارسته شبكات المؤتمر الوطني النافذة خلال العقود الثلاثة الماضية بمئات المليارات من الدولارات. ويشير الجاك إلى الأثر المباشر المتمثل في نهب عشرات المليارات وتهريبها إلى الخارج، وبالتالي إخراجها من عجلة الاقتصاد السوداني والسياسات المقصودة التي أدت إلى بيع العشرات من المؤسسات الضخمة في صفقات شابتها العديد من أوجه الفساد، إضافة إلى الأثر غير المباشر الذي تمثل في فقدان مليارات الدولارات من العوائد التي كان يمكن تحصيلها في حال اتباع نهج الشفافية والمحاسبة. ويشير الجاك إلى فقدان السودان فرصا استثمارية وتمويلية كبيرة جراء الحظر الأميركي وإدراج السودان في قائمة البلدان الراعية للإرهاب بسبب تصرفات النظام الحاكم الأيديولوجية. ويرى الجاك أن الاقتصاد السوداني فقد، بسبب تفشي الفساد وسياسات النظام التمكينية الخاطئة، فرصة كبيرة لدفع عجلة النمو وتحقيق الرفاهية والازدهار، خلال سنوات تصدير النفط قبل انفصال الجنوب. ويقول في هذا السياق، إن أموال النفط وجهت في معظمها لخدمة شبكات النظام والنافذين فيه، ولم توجه نحو تعزيز القطاعات الإنتاجية الحقيقية كالزراعة والصناعة. وتجسد الفساد، بحسب الجاك، في أشكال وقوالب عديدة، ويعود الجزء الأكبر من أسباب تفشي الفساد خلال فترة حكم المؤتمر الوطني إلى الانحراف عن القوانين والسياسات المعلنة وتأسيس العديد من الشركات الحكومية والواجهات الحزبية الاقتصادية بطرق ملتوية مما أفقد الاقتصاد السوداني العديد من الفرص وأهدر مئات المليارات من الدولارات التي لو وظفت بشكل صحيح لجعلت قيمة الجنية السوداني تفوق قيمة الدولار وذلك بالاستناد إلى الموارد الضخمة التي يعج بها الاقتصاد السوداني. وأدى التهريب الممنهج والكبير لعشرات المليارات من الدولارات والذهب إلى خلل كبير في احتياطي البلاد من النقد الأجنبي. وبسبب إدراجه في قائمة الدول الراعية للإرهاب وتراجع ترتيبه في المؤشرات العالمية، بفعل استشراء الفساد، فقد السودان فرص إعفاء الديون التي استفادت منها العديد من الاقتصادات الفقيرة والنامية. فساد ممنهج من جانبه، يقول المحلل الصحفي محمد وداعة، إن ما حدث خلال الأعوام الماضية كان فسادا ممنهجا لم يسلم منه أيا من القطاعات الإنتاجية أو الخدمية، الأمر الذي أدى إلى إهدار مئات الملايين من الدولارات، وأفقد السودان فرصا استثمارية وتنموية ضخمة كان يمكن أن يكون لها أثر اقتصادي كبير على السودان. ويعدد وداعة أنواع الفساد ومجالاته مبينا أنه شمل مجالات مثل النفط الذي شابت سجلاته الكثير من الشبهات، حيث اختفت سجلات صادرات بعشرات المليارات، في حين أن الـ68 مليار المسجلة رسميا كقيمة للصادرات منذ بدء عمليات التصدير وإلى حين توقفها في 2012 بعد انفصال الجنوب. ويشير وداعة أيضا للشركات الحكومية التي كانت تقدر بالآلاف قبل أن تتقلص إلى بضعة مئات بعد خروج بعضها من السوق. وشكلت تلك الشركات واجهات خفية للاستثمارات الإخوانية التي أحدثت تشوهات ضخمة في الاقتصاد السوداني وأدت إلى ممارسات احتكارية ضخمة أحدثت بدورها خللا كبيرا في المالية العامة، وكانت إحدى أبرز الأسباب التي غذت التدهور المريع في العملة السودانية. وشدد وداعة على الأثر الكبير الذي أحدثه الفساد الضخم في مجال القروض حيث كان الاقتراض يتم دون رقابة تشريعية أو مالية وكانت بعض القروض لا تدون في السجلات الرسمية، وبعض المشروعات كمشروع مطار الخرطوم الجديد، وتعلية خزان الروصيرص تم الاقتراض لها مرتين دون أن تنفذ. كما أهدرت قروض قيمتها عشرات المليارات من الدولارات في مشروعات مثل خزان مروي وغيره دون أن تحقق تلك المشروعات الجدوى المطلوبة منها على الورق. ويرى وداعة أن مجمل الأموال المنهوبة والمهدرة من قطاعات النفط والزراعة والذهب والتغول على آلاف الفدادين من الأراضي والمقدرة بمئات المليارات من الدولارات في مجملها كان يمكن أن تحقق عوائد ضخمة تغير تماما خارطة الاقتصاد السوداني في حال توظيفها بشكل سليم. استرداد الأموال وحول إمكانية استرداد الأموال المهربة للخارج والأطر القانونية اللازمة لذلك، يرى أيوب عبدالله عميد كلية القانون بجامعة كردفان وعضو اتحاد الجامعات السودانية، أن الاتفاقية الدولية لمكافحة غسيل الأموال هي أحد أهم الأطر التي يمكن أن تسهل عملية تتبع أموال الشعب السوداني المهربة إلى الخارج. وباعتبار أن السودان دولة مصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، فإن وجود حكومة رشيدة في الفترة المقبلة سيمكن من تفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة عمليات التعدي على المال العام.

الاثنين، 21 يناير 2019

لماذا وكيف تمّ تعليم الأمريكيين كراهية المُلحدين؟



لماذا وكيف تمّ تعليم الأمريكيين كراهية المُلحدين؟
By: John follis
مقال ممتع وللعبرة يُوضّح القصّة الحقيقية خلف شيطنة الإلحاد في المجتمع الأمريكي من خلال استغلال الدين في الصراعات السياسيّة. وستلاحظ أنّها نفس الوسيلة الذي يتّبعها ويستخدمها كهنة وشيوخ المسلمين الآن بمؤسساتها وميزانياتها ووسائل الإعلام فيما يسموه محاربة الإلحاد، بل حتى و يستشهدون بنفس نظرة المجتمع الأمريكي، بينما هو في الحقيقة وسيلة الإسلام الوحيدة لترهيب المسلمين من الخروج من تبعيّة الفقهاء والموروث من خلال جعل نفس صورة الإلحاد الشيطانيّة كبديل وحيد لتبعيّتهم.
🔆 مقدّمة
لو سألت الأمريكيين لوضع قائمة بأكثر الأوصاف كراهية فعلى الأغلب سيكون "مُلحد" من ضمن هذه القائمة، فعند غالبية الأمريكيين يقترن وصف "المُلحد" بشخص لا أخلاقي و لا ينتمي للمجتمع الأمريكي، وهذا ما كنت أسمعه خلال نشأتي، كانت مدارس الأحد الدينية تذكر وقتها بوضوح، بأن الملحدين سيّئين وأشخاص بدون إله!
ما لا يعرفه غالبية الأمريكيين هو أنك لو نشأت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي فأنت لن تحتاج أن تلتحق بالمدارس الدينية يوم الأحد حتى تتعلم الخوف من الملحدين وكرههم، ففي بداية الخمسينيات بدأت الحكومة الأمريكيّة حملات ضخمة وبعيدة المدى استمرت لسنوات لأجل شيطنة الإلحاد، ونتائج هذه الحملات كانت فعّالة.
🔆 تأليه أمريكا:
The GODification of America
في خمسينيات القرن الماضي كانت الحرب الباردة في أوجّها عندما كان وجود الشيوعية يُشكّل تهديدا واضحا للولايات المتّحدة، وبسبب الخوف من الشيوعيّة وزيادة قوّة الإتحاد السوفييتي، شعر الرئيس الأمريكي وقتها "آيزنهاور" بالحاجة الماسّة لفعل شيء كبير لتوحيد ودعم الدولة الأمريكيّة، وبسبب التشجيع الكبير من العديد من الوزراء و السياسيون المتدينون و رؤساء الأعمال، ومُلهمه المسيحي الإنجيلي "بال بيلي جراهام"، وافق آيزنهاور على القيام باستراتيجية جريئة لشيطنة الشيوعية من خلال شيطنة التوجه الرئيسي الذي يُميّزها وهو "الإلحاد".
كانت الفكرة وقتها تحويل الصراع بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي إلى "حرب مُقدّسة" وتحويل "الله" إلى "المُحارب الأول للشيوعيّة".
لفعل ذلك قام آيزنهاور بتنفيد المُهمة بمبادرة عدائيّة تمكّن بدايتها من جعل الكونغرس الأمريكي إضافة "أمّة واحدة تحت راية الله " “One nation ‘under GOD'” إلى قسم يمين الولاء، وهو قسم يتم ترديده يوميا في كل حصّة مدرسيّة في أمريكا.
بعدها استطاع الرئيس من جعل الكونغرس من استبدال الشعار الأمريكي "الجميع واحد" “E Pluribus Unum” والمعمول به منذ عام 1782 إلى "في الله نثق" "IN GOD WE TRUST" .
بعدها أخذ موافقة الكونغرس لنشر الشعار في المحاكم، المباني الحكومية، المدارس العامة، طوابع البريد، وجميع العملات الأمريكيّة، بل حتى بعض كتب الرسوم المصورة اليومية "comics" التي كانت تتكلم عن "الشيوعية اللاإلهيّة".
وقامت ولاية نيويورك بتأليف صلاة مدرسيّة مخصوصة "لصد انتشار الشيوعيّة"، ولم يكتفوا بهذا، بل تعاونت الإدارة الأمريكية مع مجلس الإعلان، المؤسسات الدينية الرئيسية، والشركات الأمريكية لإيجاد ما يُسمى "حملة الدين في الحياة الأمريكيّة" بميزانية سنوية تعادل 200 الف دولار في وقتها، كان الهدف من الحملة تشجيع الأمريكيين للحضور للكنيسة، كانت هذه الحملة مُنسّقة ببراعة وبجهود موحّدة.
ففي عام 1956 انتشر ما يقارب 5412 لوحة دعائية في الطرق السريعة، و ملصقات في 9,857 محطة باصات، وقطارات، إضافة إلى قيام دور السينما "بإعلانات صوتيّة كخدمات عامة" للتوسّل من الحضور التوجّه إلى أي كنيسة من اختياره في الأحد القادم.
لهذا من الإنصاف أن نقول أنه في خمسينيات القرن الماضي لم يتم تسويق شيء في أمريكا أفضل من الله، ولا شيء تم شيطنته أكثر من الشيوعية والإلحاد.
يظهر لنا بكل وضوح أنه حتى مع انتهاء الحرب الباردة وتجاوز حقبة الستينيات لم يخفّ موقف الأمريكيين العدائي من الإلحاد، ففي دراسة عام 2016 من جامعة مينيسوتا أظهرت أن نظرة الأمريكيين السلبية موجودة، وما زالوا ينظرون للإلحاد "كثقافة خارجيّة" ترفض القيم والممارسات الثقافيّة المتعارف عليها كأساسية لـ "الأخلاق الشخصيّة"، "إستقامة المواطن"، و" الهوية الوطنية"، وتم اختيار المُلحدين كأكثر أقليّة مكروهة في أمريكا.
من الواضح لنا أن آيزنهاور ورفاقه غرسوا ثقافة موجّهة ضد الإلحاد ما زالت قويّة لغاية الآن.
و برغم ذلك أصبح الأمريكيون أكثر تسامح مع الإحساس "بلزوم وجود الدين"، فنفس هذه الإحصائية عند سؤال "إذا كان سيّئا زيادة عدد الأمريكيين الذين يقولون بأنهم بدون أي إنتماء ديني؟" كانت 60% من الإجابات بأنه "جيّد"، أو "ليس جيد وليس سيّء".
بالرغم من أن غالبية الأمريكيين عندهم مُشكلة مع الملحدين فكثير منهم أصبحوا ملحدين، فقي إحصائية سنة 2014 أظهرت تضاعف نسبة الإلحاد في آخر سبع سنوات، ولأول مرة الآن تصبح "اللادينيّة" أكبر نسبة من أي جماعة دينية في أمريكا.
🔆الخاتمة
لسوء الحظ، أغلب الإنحيازات والتعصّبات في أي مجتمع سواء كانت دينية، تجاه الجنس، او الميول الجنسية، تحتاج لفترة طويلة حتى تتلاشى، لهذا هناك حاجة ماسّة وأهميّة لوجود واستمرار المنصات الحوارية والتوعويّة.
ولنا في وسائل التواصل الإجتماعي أكبر فضل لخروج الكثير من سطوة التقاليد الدينية والجهل الموروث وتجاوزهم النظرات العنصريّة والتعصبّيّة التي تلقّوها من خلال التربية الدينيّة من خلال منابر الشيوخ والمناهج التعليميّة ووسائل الإعلام.
الكاتب جون فوليس
المصدر:
http://churchandstate.org.uk/…/how-and-why-americans-were-…/

ماهي الدولة ؟؟هل للدولة دين ؟

لا تزال هناك صعوبات في تعريف الدولة , فالدولة مشتقة من كلمة STATUS أي حالة أو وضع , لذلك تعددت التعريفات الغير متفق على جزئياتها من قبل الجم...